الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 278 - الجزء 2

  الصحاح في الذين يردون الحوض فيُجْلَون عنه فيقول: أصحابي أصحابي، وفي رواية لمسلم أنهم من أمتي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وغير ذلك.

  (وقد تاب الناكثون) وهم طلحة والزبير وعائشة دون أتباعهما، فمما ينبغي أن لا يعضده المصنف؛ إذ لم يعرف عن عبد الله بن الزبير توبة، وكذلك لم يسمع عن أحد منهم توبة، وإن فرضت أنهم ينضمون في سلك أمير المؤمنين فلا يكفي ذلك، وسموا الناكثين لنكثهم بيعة أمير المؤمنين، ولقول علي #: (أمرت أن أقاتل الناكثين والقاسطين)، (على الأصح) من القولين وهو قول المؤيد بالله وروايته، والقاضي زيد⁣(⁣١) عن الهادي، وهو مذهب المتأخرين على الجملة.

  وقالت الإماميَّة وبعض الزيدية: لا صحة لتوبتهم، بل الظاهر أنهم ماتوا على خطئهم ومحاربتهم.

  احتج الأولون على صحة توبتهم: بظهورها في التواريخ، فإنه قد روي أن طلحة لما أصيب بسهم قال بعد ما أفاق من غشيته: ما رأيت مصرع قرشي أضل من مصرعي، وتاب، وأنشد متمثلاً:

  ندمت ندامة الكسعي لمَّا ... رأت عيناه ما صنعت يداه

  وأمَّا الزبير: فقد روي أن علياً # سأله أن يلقاه ليكلمه، وأجابه إلى ذلك، فالتقيا حتَّى اختلفت رقاب دوابهما، فقال له علي #: أنشدك الله أتذكر يوم مرّ بك رسول الله ونحن في مكان كذا وكذا، فقال «يا زبير أتحب علياً»؟ فقلت: ألا أحب ابن خالي وابن عمتي وعلى ديني، فقال «يا علي أتحبه»؟ فقلت: ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني، فقال «أما والله يا زبير لتقاتلنه وأنت الظالم له»، فقال: بلى والله لقد أنسيته منذ سمعت رسول الله، ثُمَّ تذكرت الآن فقال: والله لا أقاتلك، وذهب يشق الصفوف وهو ينشد:

  ترك الأمور التي تخشى عواقبها ... لله أحمد في الدنيا وفي الدين

  نادى علي بأمر كنت أعرفه ... قد كان عمر أبيك الخير مذ حين

  اخترت عاراً على نار مؤججة ... أنَّى يقوم لها خلق من الطين


(١) زيد بن محمد بن الحسن الكلاري، نسبة إلى كلار من بلاد الجيل، أحد علماء الزيدية في الجيل والديلم، أحد الفقهاء المحصلين للمذهب، وصفه المؤرخ ابن أبي الرجال: بالحجة، وشيخ الشيوخ، وحافظ المذهب، وعالمه الذي لايبارى، أخذ عن علي خليل، وروى عنه منصوصات الزيدية في الفقه، وهو صاحب كتاب شرح القاضي زيد.