الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في كيفية الرواية وبيان الصحابي]

صفحة 283 - الجزء 2

  ثُمَّ قال لأسامة: وأنت ما منعك من القتال معي؟ قال: لأني عاهدت ابن عمك رسول الله ÷ أني لا أقاتل أحداً بعده يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وسبب هذا أن أسامة قتل رجلاً على عهد رسول الله ÷ يقال له مرداس وهو يقول لا إله إلا الله فعنفه النبي ÷ على ذلك فعاهد على ما ذكر.

  (وفي فسق قتلة عثمان وخذلته خلاف) بين العلماء، فأكثر المعتزلة على فسقهم وهو نص الإمام عز الدين في القتلة.

  وتوقف أبو القاسم في عثمان وقاتليه وخاذليه.

  وتوقف بعضهم في الخاذلين لا القاتلين.

  وقال أبو الهذيل: بل أتولى عثمان وحده وأحكم ببقاء إيمانه وإصابته في أفعاله وأحداثه، ولعله لم يتولى شيئاً إلا لمصلحة، وأتولى قاتليه وحدهم، وأقول: الأصل بقاء إيمانهم، وأقول: لعلهم فعلوا ما فعلوا لعذر ومصلحة فأتولاهم الجميع بحسب الظاهر، فإنَّا من إيمانهم على يقين ولا أدري كيف حالهم عند الله، فيجوز أن يكونوا كلهم ناجين أو هالكين أو منهم الناجي ومنهم الهالك.

  وحجَّة المفسقين لقاتليه وخاذليه: أنه إن كان عثمان لا يستحق القتل فظاهر، وإن فرض استحقاقه له فليس ذلك إلى من قتله لعدم الولاية على ذلك، إنما الولاية في مثله إلى الأئمة؛ ولأن علياً # قال: اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل، هذا في القتلة، وأمَّا في الخذلة فإذا ثبت أن قتله منكر فقد سكتوا على منكرٍ والله يقول {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ٧٩}⁣[المائدة: ٧٩]، ولأن الحسنين دافعا عنه حتَّى شج الحسن فلو كان طاغية أو جائراً لما دافعا عنه، فالخاذل مع المدافعة من الحسنين آثم.

  وحجَّة الغير المفسقين: أن عثمان فعل أحداثاً ومنكرات أوجبت قتله، من فعله مع ابن مسعود وأبي ذر، ورد مروان وإعطائه الأموال، وأمره بقتل محمد بن أبي بكر، ودفع المنكر واجب على كل مكلف؛ لأن عثمان لم يتزحزح عن فعله إلا به، ولم يسلم أموال الله حتَّى كان سبباً لقتله، ولسكوت الصحابة على ذبح عثمان وإراقة دمه على ورقات القرآن، ولو ذبحت دجاجة في حرم رسول الله ظلماً وتعدياً على مالكها بحضرة الصحابة لما تم له ذلك، فكيف يقتل عثمان وهم يشاهدون ذلك بمدينة رسول الله ÷، فلو كان سكوتهم منكراً لكان