الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 287 - الجزء 2

  قلنا: فعلى هذا لا يمكنك العلم بأن الراوي ما أطلق هذه اللفظة إلا بعد تيقن لمراد الرسول ÷، إلا إذا علمت أنه حجة، وأنت إنما أثبت كونه حجة بذلك، فلزم الدور، وهذه المرتبة دون الأولى لما ذكر من الاحتمالات.

  (فأمَّا قول التابعي أمرنا رسول الله ÷ فمرسل) لا شك فيه ولا مرية لعدم احتمال السماع.

  (الرابعة) من مراتب كيفية نقل الصحابي: (إذا قال) الصحابي: (أمرنا بكذا أو نهينا عنه، فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء (أنه حجة من نوع المرفوع) إلى النبي ÷ (المسند لظهوره في أنه ÷ هو الآمر والناهي) كما إذا قال المختص بملك أمرنا أو نهينا، فإنه يتبادر أمر ذلك الملك ونهيه، وإن كان محتملاً لصدوره من الغير بحسب لفظه.

  (وعند بعض الحنفية) كالكرخي (والمحدثين: أنه ليس بحجة لاحتماله ما تقدم) في المرتبة الثالثة، (و) احتمال (أن يكون) الآمر (غير النبي ÷ من أكابر الصحابة) كالأئمة الأربعة، أو يكون عن استنباط ولا كذب فيه؛ لأنه إذا قاس فغلب على ظنه فإنه مأمور به، فيقول عرفاً أُمرنَا.

  قلنا: غرض الصحابي تعليم الشرع فيجب حمله على من يصدر الشرع منه دون الأئمة والأكابر، وأيضاً فهو احتمال بعيد فلا يدفع الظهور.

  وقال (الحفيد وغيره) من العلماء: (إن كان الصحابي) القائل ذلك (من الأكابر كالعشرة) المبشرين بالجنة في بعض الآحاديث الصحيحة وهم علي وأبو بكر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة بن الجراح، وقد جمعوا في بيتين وهما:

  علي والثلاثة وابن عوفٍ ... وسعد منهم وكذا سعيد

  كذاك أبو عبيدة فهو منهم ... وطلحة والزبير ولا مزيد

  وقال الحفيد: ومن يدنو منهم، قال القاضي فخر الدين: كأهل بدر والمهاجرين الأولين (فهو الآمر ÷) لما ذكره الأولون، (وإن كان القائل من غيرهم فمحتمل) فيجوز أن يكون ذلك عن النبي صلى الله عليه لما ذكره الأولون، ويجوز أن يسند ذلك إلى من يقتدى به من أكابر الصحابة، وغير ممتنع أن يرى وجوب ذلك وإن كان خطأ كما قد ذهب إليه بعض أهل العلم - أعني كون ما يقوله الأربعة أو بعضهم حجة -.