الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 288 - الجزء 2

  قلنا: احتمال بعيد، فلا يدفع الظهور.

  وقال (الإمام) يحيى (إن كان) قول الصحابي (بعد وفاته) ÷ (فكذلك) أي فإن كان الصحابي من الأكابر فهو الآمر ÷ ما ذكره الحفيد، وإن كان من غيرهم فمحتمل؛ لأن الكبراء في هذه الحال صاروا هم الآمرين الناهي، ن (وإن كان في حياته فهو الآمر ÷) لمثل ما قاله الجمهور، وهذا القول هو أصح من قول الحفيد وإن كان غير معمول بهما؛ لأن مع وجدان النبي ÷ لا يعتقد ذلك وجوب طاعة الخلفاء الخلِّيفاء؛ ولأن الأظهر الرجوع إلى النبي مع وجوده، وهذه دون ما قبلها لزيادة الاحتمال.

  (وفي التابعي) إذا قال: أمرنا بكذا (وجهان).

  الأول: أنه عن النبي صلى الله عليه؛ إذ لا أمر يعتقد اتباعه في الشرائع إلاَّ أمره.

  والثاني: أن الآمر الصحابي بمثل ما قاله الحفيد؛ ولأنه يحتمل الشفاه، والشفاه لا يكون إلاَّ من الصحابة.

  (وكذا) أي مثل أمرنا ونهينا من صحابي أو تابعي على الكلام المتقدم، وكالقول المتقدم في (أُوجِبَ أو حُرِّمَ وغيرهما من صيغ ما لم يسم فاعله) نحو: أبيح، فإنَّ الخلاف فيها كالأولى، فعندنا أن الموجِبَ المحرِّمَ المبِيحَ هو الرسول ÷؛ لأن هذه الأشياء لا تصدر إلا عنه #، وجعل هذه الحفيد خاصة غير ما قبلها.

  قال القاضي عبد الله الدواري: وهذه الخاصية أبعد في كونها منسوبة إلى النبي ÷ من الأولى؛ لأن الموجب الحاظر المبيح له في الحقيقة هو الله بخلاف الآمر فإنَّ الرسول يسمى آمراً حقيقة كالباري تعالى، وهذه الخاصّة يدخلها تجويز أن يكون الموجب هو الله، بل ذلك الأغلب، قال: ويدفعه أن ما أوجبه الله بصريح القول لا يحتاج فيه إلى التحدث من الصحابي بقوله أوجب علينا كذا.

  وقال (المنصور بالله) الموجب الرسول، لكن لا على الإطلاق، بل (بشرط أن لا يكون للاجتهاد في ذلك مسرح) فأمَّا والحال أنَّ له في ذلك مسرحاً فلا، لاحتمال أن يكون الوجوب من طريق الاجتهاد.

  ورد: بأن قول الصحابي أوجب علينا قصد أن هناك من صدر منه الإيجاب غير الموجب عليه، هكذا ذكره القاضي فخر الدين.