الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 289 - الجزء 2

  وعندي أن فيه نظراً؛ لأن المجتهد بعد أن يجتهد ويظن الحادثة فقد أوجب الله عليه ذلك، فقد صدر الإيجاب من الله تعالى، فلو أجيب بأنه احتمال بعيد، فلا يدفع الظهور لكان أقيس، والله أعلم.

  (الخامسة) من مراتب كيفية نقل الصحابي (إذا قال) الصحابي (من السنة كذا) كقول أمير المؤمنين: (من السنة أن لا يقتل حر بعبد)، (أو) قال الصحابة (السنة جارية بكذا، فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء (أنه حجة كذلك) أي كما قبله؛ لأنه ظاهر في تحقيق السنة عن النبي صلى الله عليه، فإن ذلك هو السابق إلى فهم السامع.

  (وعند الكرخي والصيرفي أنه ليس بحجَّة) إذ السنة مأخوذة من استنان الشيء وهو المداومة عليه، وذلك غير مختص للرسول ÷، ولهذا قال ÷ «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها»، وعنى بها سنة غيره، وقال ÷ «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»، فيحتمل إرادة ذلك، فلا يكون حجة.

  قلنا: احتمالٌ بعيدٌ فلا يدفع الظهور.

  (و) إذا ثبت عندنا حجيَّة ذلك فاعلم أنه (لا فرق بين أن يقول) الصحابي (ذلك) أي من السنة أو السنة جارية (في حياته ÷، أو) فعله (بعد وفاته) في أن حكمه ما ذكر.

  وقال (الحفيد: يعتبر فيه) أي الصحابي (ما تقدم) وإن كان من أكابر الصحابة حمل على سنة النبي ÷ وإن كان من غيرهم احتمل الأمرين، وقد عرفت الحجَّة والدفع (وكذا التابعي إذا أطلق) ولم يقل من سنة النبي ÷ ويكون مرسلاً.

  (وقيل: موقوف) متصلاً؛ لأنهم يقولون من السنة ويريدون سنة الخلفاء، قال السيد محمد في التنقيح: وكثر فيهم حتَّى لا يرون غيره راجحاً، (وهو أحد قولي الشافعي) وقديمها معنا، ويعرف الجواب مما سبق.

  (السادسة: إذا قال) الصحابي (كنا نفعل أو كانوا يفعلون) كقول عائشة: كانوا لا يقطعون السارق في الشيء التافه، (و) في هذه الصور خلاف (المختار) منه (وفاقاً للجمهور) من العلماء (أنه حجة خلافاً لبعض الحنفية و) بعض (المحدثين) فزعموا أنه ليس بحجَّة.

  لنا: على كونه حجَّة قول المصنف (لظهور قوله في كنا نفعل أنهم فعلوه في زمان النبي ÷ واطلع عليه ولم ينكره، فهو من نوع المرفوع) إلى النبي ÷؛