الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 290 - الجزء 2

  لأنه ظاهر في قصد الصحابي إلى الاحتجاج بذلك، والظن بالصحابي أنه لا يعتقد أن ذلك حجة إلاَّ أن يطلع عليه الرسول # وآله؛ لأنه ظاهر في قصد الصحابي إلى الاحتجاج بذلك، والظن به أيضاً أن لا يوهم الغير ذلك، وليس بصحيح فيكون قد غرّ من سمعه من المسلمين في أمور الدين، (ولاحتمال قوله: كانوا لِذلك) أي لما ذكر في كذا.

  (و) اختص كانوا يفعلون باحتمال آخر يقضي بحجيَّته، وهو احتماله (للإجماع بعده ÷) وأنه حجَّة، قالوا: قد يقال مثل ذلك لما يعتاده أكثر العلماء والمسلمين سيما من له منصب الاقتداء فلا يكون حجّة، ولاحتمال أنهم لم يفعلوه في زمانه.

  قلنا: احتمال بعيد فلا يدفع الظهور.

  وقال (المنصور) بالله (والحفيد): إنَّ كنا كما يحتمل زمان النبي ÷ يحتمل زمان الجماعة، فإذا (لا فرق بين كنا وكانوا في احتماله لذلك وللإجماع) بعده بل ربما يكون إفادته للفعل بعده في قوله: كنا نفعل أقرب إلى ظاهر اللفظ.

  وقال (بعض الأصوليين) وهو المأخوذ من كلام ابن الحاجب وصريح لفظة العضد، (بل) هو (حجَّة) لا لما ذكرتم، بل (لظهوره في عمل الجماعة).

  وأجيب: بأنه لو كان للجميع لما شاعت المخالفة؛ لأنه إجماع، واللازم منتفٍ بالإجماع.

  واعترض: بأن ذلك فيما يكون الطريق قطعياً وهاهنا الطريق ظني، (فهو من الإجماع المنقول بالآحادي) فشرعت المخالفة كما يشرع في خبر الواحد، وإن كان المنقول به نصاً قاطعاً، فإنه يخالف لظنية الطريق، ولا يمنعه قطعية المروي.

  واعترض على قول البعض: بأن الكلام في درجات كيفية الرواية عن الرسول ÷ وهاهنا ليس كذلك، فالأولى ما ذكره المصنف أولاً.

  (وقول التابعي: كانوا يفعلون، يدل على فعل بعض الأمَّة لا كلهم إلا أن يصرح بذلك) نص عليه الإمام يحيى.

  والوجه: أن هذه العبارة من التابعين قد تطلق كثيراً إذا فعل ذلك كثير من الأمة وسكت الباقون، وإن سكتوا عن غير علم بذلك.