الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  (السابعة) من مراتب كيفية نقل الصحابي: (إذا قال) الصحابي (عن النبي ÷) «فيما سقت السماء العشر»، مثلاً (فهو من الإسناد المتصل) بالنبي ÷ (عند الجمهور) من العلماء (لأن الظاهر سماعه منه بلا واسطة) وإن كان دون قال، لأن مع كثرة اتصال الصحابي بالنبي الظاهر أنه سمعه منه.
  قال: (أئمتنا: و) إذا كان من الإسناد المتصل فهو (يحتملها) أي الواسطة ومع الاحتمال (فيكون من المرسل) وإنما احتمل ذلك في عنعنة الصحابي؛ لأنه لم يثبت عن الصحابة أن ذلك يفيد السماع بخلاف غيرهم من جماهير المحدثين، وجزم القاضي بأنه لا يحتمل الواسطة.
  وقال (الإمام) يحيى (وغيره) وهو يؤخذ من كلام القاضي عبد الله بن حسن (بل) قول الصحابي عن رسول الله (مرسل إذا العنعنة تقتضي الواسطة) إذ لو لم يكن واسطة لقال: قال رسول الله ÷.
  قلنا: لا وجه للجزم؛ إذ لا دليل يدل على تعذر عدم الواسطة، فاقتضى الاحتمال.
  قال المهدي #: أمَّا لو قال الصحابي: روي عن النبي كذا أو قال عن النبي أنه قال كذا، فهو موضع اتفاق أنه إرسال، لا أرى أحداً يخالف في ذلك؛ لأنه كالصريح في أنه رواه غيره هذا في عنعنة الصحابي.
  قال (المحدثون: فأمَّا غير الصحابي فعنعنة من) الإسناد (المتصل بشرط سلامته من التدليس و) شرط مثلاً (فإنه) أي الراوي (لمن روى عنه) بالعنعنة.
  قال ابن الصلاح: وكان ابن عبد البر يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك.
  قال زين الدين: بل قد ادعاه، وادعى أبو عمر الداني(١) إجماع أهل النقل على ذلك، لكنه اشترط أن يكون معروفاً بالرواية عنه، وأنكر مسلم في خطبة صحيحه اشتراط ثبوت النفي، وادعى أنه قولٌ مخترع، وإن الشايع أنه يكفي أنهما في عصر واحد، قال ابن الصلاح: وفيما قاله مسلم نظر.
(١) هو عثمان بن سعيد بن عثمان الأموي القرطبي، المالكي، كان عالماً في القراءات والفقه والتفسير والحديث، له كتاب التمهيد، وجامع البيان في القراءات، توفي سنة (٤٤٤) هـ.