الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [مراتب طرق رواية غير الصحابي]

صفحة 296 - الجزء 2

  قلنا: نسبة هذا الجوائز المحتملة إلى الراوي أقرب من نسبتها إلى الشيخ، ولَأن يغلط الراوي أو يسهو أو يصحف والشيخ لا يغفل عن سماعه أقرب وأمكن من جواز غلط الشيخ وسهوه وتصحيفه، ونسبة الخلل إليه في السماع، ولكل نظر واجتهاد.

  وحينئذ (فإن قصد إسماعه وحده أو مع غيره فله أن يقول: حدثني وأخبرني، وحدثنا وأخبرنا، وقال لي) ولنا، (وسمعته) وسمعناه، (وإن لم يقصد) إسماعه وحده أو مع غيره (لم يجز) للمستمع أن يروي عن الشيخ، فإنه يشعر بالقصد ولم يكن فيكون كذباً، (بل يقول: حدث وأخبر وسمعته) يقرأ أو يقول أو نحو ذلك.

  المرتبة (الثانية: قراءة الراوي عليه) أي على الشيخ (من غير نكير) من الشيخ على الراوي في شيء مما أملاه عليه، فإن حصل منه نكير لشيء لم يكن قرأه الراوي طريقاً (ولا ما يوجب سكوتاً من إكراه) للشيخ على الإسماع (أو نحوه من المقدرات المانعة من إنكار) كالغفلة والتقية (وتسمى) هذه المرتبة (عرضاً) عند أكثر المحدثين لعرض التلميذ ما قرأه على الشيخ، (ورجحها) أي هذه المرتبة (أبو حنيفة ومالك على الأولى) فقالا: هي أقوى منها لما مر؛ ولأن التلميذ قد لاك لفظ الحديث بفيه، وعض عليه بنواجذه، وذلك أوقع في ضبط ما قرأه.

  قلنا: هو وإن كان كذلك ففي الأولى أخذ المستمع ذلك من لسان القارئ مع ما تقدم، وذلك أكثر تحقيقاً.

  (وقيل) بل المرتبتان (سواء) والقائل بذلك الجمهور، نص عليه السيد محمد، (وتصح الرواية للحديث بها) أي بهذه المرتبة (خلافاً لبعض الظاهرية) فمنع من الرواية بها، والصحيح أنه معمول بها (لاقتضاء العرف أن سكوته) أي الشيخ (عند ذلك) أي قراءة الراوي (تقرير) لما في قراءة البليد، وأيضاً في سكوته إيهام الصحة، وذلك بعيد من العدل عند الصحة، (فيقول) الراوي عند الرواية (حدثنا وأخبرنا، مقيداً بقراءتي عليه ومطلقاً) من غير ذكر القراءة (أيضاً، وفاقاً للفقهاء الأربعة، وقيل: تمتنع) الرواية مع الإطلاق (واختاره) أي الامتناع (الإمام) يحيى (إلا لقرينة تدل على إرادة التقييد) بقراءتي عليه، قيل وجاز له الرواية.