الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 297 - الجزء 2

  لنا: على جوازه أن الإخبار في أصل اللغة موضوع لإفادة الخبر والعلم، وهذا السكوت قد أفاد العلم بأن هذا المسموع كلام الرسول ÷، فوجب أن يكون إخباراً لمشاركته له فيما هو موضوع له، وأيضاً فهو وإن لم يحدثه صريحاً فقد حدثه ضمناً.

  احتج المخالف: بأن الشيخ لم يخبره بشيء ولا حدثه فنسبة التحديث إليه والخبر كذب لا يجوز.

  قلنا: لا نزاع في أن لكل قوم من العلماء اصطلاحات مخصوصة يستعملونها فيها على سبيل التجوز، ثُمَّ صار المجاز شائعاً والحقيقة مغلوبة، ولفظ حدثني وأخبرني هاهنا كذلك؛ لأن هذا السكوت شأنه الإخبار في إفادة الظن، والمشابهة أحد علامات المجاز، وإذا جاز هذا الاستعمال مجازاً ثُمَّ استقر عرف المحدثين عليه صار ذلك كالاسم المنقول بعرف المحدثين أو كالمجاز الغالب، وإذا ثبت ذلك وجب جواز استعماله قياساً على سائر الاصطلاحات.

  وحجة الإمام والجواب عنها: تعرف من السياق مع اختصاصه بأن القرينة الحالية يزول الإيهام معها.

  المرتبة (الثالثة: قراءة غيره) أي غير الراوي بحضرته (وهي كقراءته مع اعتبار ما تقدم) من الشروط المذكورة.

  المرتبة (الرابعة: قوله) أي الشيخ (بعد فراغ القراءة عليه الأمر كما قرأت) علي، فهاهنا العمل بالخبر لازم على السامع، (وله أن يقول: حدثني وأخبرني مقيداً) بقراءتي عليه، (ومطلقاً) كذلك (وفاقاً للجمهور) منهم الإمامان أبو طالب والمنصور، وأبي عبد الله، وأبو حنيفة وأبو يوسف؛ لأنه لا فرق في الشهادة على البيع بين أن يقول البائع: بعت، وبين أن يقرأ عليه كتاب البيع فيقول: الأمر كما قرأ علي.

  وقال: بعض المحدثين لا يجوز له إلا أن يقول: أخبرني قراءة عليه أو سمعت عليه، ولا يقول: حدثني.

  وقال بعض المتكلمين: لا يجوز ذلك؛ لأنه لم ينطق بذلك فيكون إسناده إليه كذباً.

  والجواب: ما سبق.

  وأنت خبير: بأن ترتيب المؤلف بين هذه المراتب في الوضع ليس بترتيب في القوة؛ إذ لو كان كذلك لقدَّم هذه المرتبة قبل الثانية؛ لأنها أقوى منها، كما لا يعزب على اللبيب، وقد جعلها في المحصول قبل تلك، ولا مشاحة في الاصطلاح.