الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 298 - الجزء 2

  المرتبة (الخامسة: إذا قال القارئ بعد فراغه) من القراءة للشيخ (سمعت هذا) الذي قرأت (وأشار) الشيخ (برأسه) إشارة مفهمة للسماع (فهي قائمة مقام التصريح في جواز العمل، وللراوي أن يقول: حدثني وأخبرني مقيداً بقراءتي عليه، وفي الإطلاق قولان) الفقهاء والمحدثون على جوازه، والمتكلمون على المنع، والمختار الجواز؛ لأنا إذا أقمنا الدلالة على جوازه في المرتبة الثانية من دون إشارة، فمع الإشارة المفهمة للسماع أولى وأحرى، فظاهر كلام الرازي في المحصول المنع من حدثني وأخبرني مقيداً ومطلقاً، ونظره زين الدين.

  وقال (الإمام) يحيى في هذين القولين (وأظهرهما المنع) لما تقدم له في المرتبة الثانية، والجواب كالجواب.

  المرتبة (السادسة: إذا قال) القارئ للشيخ (بعد فراغه) من القراءة عليه (هل أروي عنك هذا) الذي قرأته؟ (فقال: نعم فعند المتكلمين لا يجوز له الرواية؛ إذ لم يسلط عليها) بأن قال: أروِ عني كما في الإجازة، بل قال له نعم إباحة للرواية، (ولا سمع منه سبباً فيكون كاذباً) لعدم التسليط والسماع.

  وقال (الإمام) يحيى (يجوز) الرواية (مع التقييد) بقراءتي عليه (لا مع الإطلاق) فلا يجوز لصدقه في الأول، وإيهامه الخطأ في الثاني، (ويلزمه العمل به اتفاقاً) بين العلماء؛ لأن مبنى العمل على الظن وهو حاصل.

  المرتبة (السابعة: الرواية عن الخط) أي التي يكون مستندها وجود الخط، (وتسمى) هذه المرتبة (الوِجادة) بكسر الواو وهي مصدر مُوَلَّد لِوَجَدَ يَجِدُ.

  قال المعافى بن زكريا النهرواني: إن المولدين فرعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفةٍ من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة، من تفريق العرب بين مصادر وجدٍ للتميز بين المعاني المختلفة، يعني أنهم يقولون: وجد ضالته وجداناً ومطلوبه وجوداً ووجداناً، وفي الغضب: مَوْجِدَةً وَجِدَةً ووَجَدَاً بالفتح وجداناً، وفي الغنى وُجداً مثلث الواو وُجدَة حكاهما الجوهري⁣(⁣١) وغيره، وقرئ بالثلاثة في قوله تعالى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}.


(١) هو إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، اللغوي المعروف، صاحب الصحاح، كان من المشهورين بالذكاء والفطنة، توفي سة (٣٩٣) هـ.