الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 299 - الجزء 2

  (و) تسمى أيضاً (الكتابة) وصورتها (نحو: أن يرى) الراوي (مكتوباً بخطه أو بخط) شيخه أو بخط (من يثق به سمعت كذا عن فلان، ويجوز) لذلك الراوي (العمل به) أي بمقتضى ما وجد مكتوباً بخطه أو بخط من يثق به (عند أئمتنا) منهم المنصور بالله، وادعى إجماع الصحابة على ذلك ذكره في الصفوة، ومنهم الإمام، ومنهم المتوكل أحمد بن سليمان حكاه عنه الإمام محمد بن المطهر في عقود العقيان، واختاره لنفسه، وحكاه عن أبيه.

  واحتج له الحاكم وأبو الحسين والفقيه عبد الله بن زيد بما يقضي أنه إجماع الصحابة والتابعين، (و) هو أيضاً معمول به عند (الشافعي وأكثر الأصوليين)، ولكن إنما يجيزون العمل به (إن غلب على ظنه صحته) لأمارة ظاهرة تقتضي صحة ذلك نحو: إن يجد خطه بتاريخ سماع ذلك على شيخه، أو خط من يثق به، فإذا غلب على ظنه صحته عمل به؛ لأنه العلة الموجبة لقبول أخبار الآحاد، ومن أوضح الحجج كتابُ عمرو بن حزم الذي أمر ÷ أن يكتب له فيه أنصبة الزكاة ومقادير الديات، فإن الصحابة رجعوا إليه وعولوا عليه وتركوا له آراءهم، وقَطعَ بوجوب العمل بعضُ محققي أصحاب الشافعي عند حصول الثقة به، قال: وهو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة.

  قال النواوي: وهو الصحيح، وأمَّا معظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم فهم لا يرون العمل بها.

  إذا عرفت هذا فإنه يجوز العمل بها (لا الرواية عند بعضهم) فلا يجوز.

  قال المهدي: لأنه لا يدري على أي صورة كان سماعه على شيخه هل بتحديثه؟ أم بمناولته أم بسكوته؟.

  قال: وهو اختيار القاضي وأبي حنيفة وأكثر المتكلمين، رواه الحاكم في شرح العيون.

  وقيل: إنما لم تصح الرواية لأنها شهادة، (والمختار جوازها) أي الرواية لكن لا على الإطلاق بل (بغير ما يوهم السماع) على الشيخ، كأن يروي بعن فيقول: عن فلان فإن هذا تدليس قبيح.

  (ويجوز أن يقول: هذا خطي، فيجوز العمل به) حينئذٍ لا الراويه إذ لم يقرأه عليه فلا يصح، (إلا إذا سلطه عليها) أي الرواية (صريحاً) نحو أن يقول: إروِ أو حدثْ عني هذا المكتوب، (أو بقرينة) نحو الجلوس للسماع في مجلس التدريس، (ونحو أن يكتب الشيخ إلى غيره: إني سمعت الكتاب الفلاني من فلان، فللمكتوب إليه العمل به) أي بذلك الذي تضمنَه الكتاب (إذا علم) المكتوب (أو غلب