الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  على ظنه أنه خطه) لأن الظن كافٍ في هذا الشأن، (لا الرواية) فلا يجوز (فلا يقول: سمعته أو حدثني أو نحوها مما يوهم السماع) مثل: قال لي وأخبرني؛ لأن سمعته وحدثني يقتضيان المواجهة والمشافهة وشيئاً من ذلك لم يكن، فاقتضى الكذبْ فبطلْ، أمَّا ما لا يوهم السماع فيجوز له الرواية.
  وقال (الرازي) وإليه يشير كلام القاضي عبد الله، (بل يقول: أخبرني) لأن من كتب إلى غيره كتاباً يعرفه فيه واقعة جاز له أن يقول: أخبرني هكذا ذكره الرازي، (والأحوط) لمن أراد الرواية عن الخط (أن يقول: رأيت مكتوباً بخط ظننته خط فلان) أنه سمع الكتاب الفلاني (ليخرج عن العهدة) أي عهدة السماع؛ إذ لا تهمة حينئذ، وحكي عن أبي الحسين والشيخ الحسن جواز حدثني وأخبرني، وهو في غاية الضعف في الأوَّل دون الثاني.
  المرتبة (الثامنة: الإجازة وهي قوله للموجود المعين: أجزت لك رواية الكتاب الفلاني) كالبخاري أو مسلم أو الشفاء أو نحوها مع تعيين النسخة، وهذا الطريق أعلى طرق الإجازة، ودونها أن يقول: أجزت لك صحيح مسلم أو السنن أو نحو ذلك من غير تعيين نسحة.
  (أو) يقول الشيخ للموجود المعين: أجزت لك أن تروي عن (ما صح عندك أنه من مسموعاتي ومستجازاتي) فهاهنا إذا أخبره مخبر ثقة بأن المخبر سمع الكتاب الفلاني أو الخبر الفلاني جاز له أن يرويه عن المخبر، وإن أخبره مخبر ثقة عن المخبر بحديث فله روايته عن الذي حدثه به، وله روايته عن الذي أجاز له، فهاهنا إذا صحب له نسخة من هذه الكتب وأنها مقصوصة برواية العدل جاز له أن يروي ذلك الكتاب عن الذي أجاز له، وهذه الطريق دون ما قبلها.
  وإذا عرفت هذا فاعلم أنه اختلف في الإجازة هل يعمل بها أو لا؟
  (ومختار أئمتنا والجمهور) من العلماء (جوازها) أي الإجازة والرواية عنها، وهو اختيار ابن الحاجب وغيره، (خلافاً لأبي حنيفة وغيره) كأبي يوسف فإنهما منعاها، ونسب المنعَ القرشيُّ إلى الجمهور.
  لنا: على صحة الإجازة أن الظاهر أن العدل لا يروي إلا بعد العلم والظن بروايته، وقد أذن له، فوجب أن يصح كغيره.
  وأيضاً فإنه كان # يرسل كتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها ليعمل من يراها بموجبها، وما ذاك إلاَّ الإجازة.
  قالوا أولاً: إذا قال حدثني فقد كذب؛ لأنه لم يحدثه وإنه لا يجوز.