الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
  قلنا: هو وإن لم يحدثه صريحاً فقد حدثه ضمناً كما لو يروي على الشيخ بحضوره، فإنه لم يحدثه وتجوز الرواية عنه.
  قالوا: ثانياً: ظن مستند إلى ما لا تجوز عنه، فلا تجوز الرواية عنه، قياساً على الشهادة.
  قلنا: أمر الشهادة آكد من الرواية ولذلك احتيط في الشهادة ما لم يحتط في الرواية، فزيد في شروطها ووجب العمل بكتب الرسول وإن لم يعلم بمضمونها، ولو شهد بمثلها لم يجز.
  (و) مختار أئمتنا والجمهور من العلماء (جواز حدثني وأخبرني مقيداً) بقوله (إجازة لا مطلقاً) عن القيد فيقول: حدثني فلان؛ لأن فيه إيهام الكذب، (ومنعهما قوم) فقالوا: لا يجوز إلا أجاز لي لإيهام الكذب، (فأمَّا أنبأني فجائز باتفاق) بين من أجاز الرواية بالإجازة (للعرف) فإن أنبأ عرفاً - وإن كان هو الأخبار لغة - يقال للإيذان والإعلام أنبأ، قال:
  زعم الغراب مني الإنباء
  وقال:
  وبذاك نبأني الغراب الأسود
  وهذا الفعل مبني على العداوة والحبة، قال:
  تنبئك العينان ما هو كاتم
  (وتجوز) الإجازة (لجميع الأمة الموجودين) على أخذ روايته؛ لأنها مثل الإجازة للموجودين المعينين؛ إذ العام بمثابة تعداد الأفراد ولا فرق بينهما إلاَّ بالاختصار والتطويل، ولا مدخل لاختلاف العبارة في مثله، وصورة هذه الصورة على أحد أمرين:
  إمَّا إجازة لعام في عام نحو: أجزت لجميع الأمَّة رواية مسموعاتي ومستجازاتي، فيجوز لكل منهم رواية مسموعاته أجمع.
  أو إجازة لعام في خاص نحو: أجزت لجميع الأمَّة أن يرووا عني صحيح مسلم أو صحيح البخاري، فيجوز لكل منهم رواية ذلك الكتاب.
  ويشعر كلام صاحب الجمع بأن الإجازة لعام في خاص أقوى من الإجازة لعام في عام.
  (وفي) الإجازة لنوع من المعدومين نحو (أجزت لنسل بني فلان أو لمن يوجد من بني فلان) مسموعاتي ومستجازاتي أو الكتاب الفلاني، (خلاف) واضحٌ، وهو أولى بالمنع مما قبله، فإن