الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار

صفحة 302 - الجزء 2

  إجازة غير الموجودين أبعد من الموجود غير المعين، قال عضد الدين: والمختار صحته، والذي خالف في هذه الصورة القاضي الباقلاني وأبو الطيب.

  واحتج من أجاز ذلك في حق المعدوم: بأنه يجوز أن يقول: أخبرنا الله في كتابه بكذا، كما يقول: أمرنا بكذا وإن كنا وقت الإخبار غير موجودين.

  ورد: بأن جواز ذلك لم يتوقف على إجازتِه تعالى لنا الرواية عنه، ولو كان ذلك مثله لجاز لنا أن نروي عنه بغير واسطة، وبأنه لو جاز مثل ذلك لجاز لنا أن نروي بيننا وبينه قرون كثيرة ممن أجاز الموجودين والمعدومين فلا يحصل المقصود بالإجازة، ولو اتصل الإسناد على أن علماء الإسناد اتفقوا على القدح والإسناد بكون الراوي لم يدرك من روى عنه، (والإجماع منعقد على منع من يوجد مطلقاً) أي من غير تقييد بنسل بني فلان، (فأمَّا إذا قال) الشيخ للتلميذ، (هذا مسموعي) وأشار إلى كتابٍ معين (فلا تجوز له الرواية) لذلك الكتاب عن ذلك الشيخ (إذ لم يسلط) ذلك التلميذ (عليها)، لأنه إنما أخبرناه بأنه مسموعه فقط، وذلك غير كاف في جواز الرواية، (ويجوز العمل) بمقتضى ما فيه؛ لأنه إذا جاز العمل بما وجد فيه خط الشيخ أنه سمعه فجواز العمل بما أخبر بأنه سمعه مع إشارته إليه أجدر وأحق.

  (ومنها) أي ومن الإجازة (المناولة في الأصح) من القولين فهي مثلها دليلاً وجواباً، وكأنه أشار بقوله على الأصح إلى جعل الرازي لهما شيئين، وكذلك صاحب الجوهرة، وإنما كانت منها لأنها مثلها في قول الشيخ: حدث عني، ولا تكون إشارته إلى كتاب معين فرقاً بل يكون نوعاً من أنواعها.

  (وقد تسمى) المناوَلة (عرضاً وهي أن يقول الشيخ) للتلميذ حال كونه (مشيراً إلى كتابٍ معين قد سمعته خذه وحدث عني) بما فيه (وإني قد سمعته من فلان)، أو يرسل ولا يحتاج إلى ذكر الفلان، وليس للسامع أن يروي عنه إلا تلك النسخة بعينها، أو النسخة المقابلة عليها لا غير.

  قيل: وليس من شرطها حضور الكتاب المناوَّل، بل يكفي التعيين بالإشارة وإن غاب الكتاب كما يؤخذ من كلام المصنف، ولا قول المناول حدث عني بذلك.

  قال الرازي: وأمَّا إذا قال له: حدث عني ما في هذا الجزء ولم يقل: قد سمعته فإنه لا يكون محدثاً له، وإنما أجاز له التحدث له، فليس له أن يحدث به عنه؛ لأنَّه يكون كاذباً.