الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 309 - الجزء 2

  في إثبات حكمه، وإن لم يكن هناك وصف جامع بينهما ليصح معدوداً في الأقيسة؛ لأن حكمه لو كان ثابتاً من غير عناية لم يعد في الأقيسة ولذلك عدل عن الإثبات وقياس العكس.

  (كقول أصحابنا والحنفية) في الاحتجاج على الشافعية في أن الصوم شرط في صحة الاعتكاف إذا قال: لله عليَّ اعتكاف غد صائماً وقيد النذر به بالنذر بالصيام، (لَمَّا وجب الصوم في الاعتكاف بالنذر) بالصوم (وجب) الصوم في الإعتكاف (بغير نذر) مقيد به، (قياساً على الصلاة) في حال الاعتكاف (فإنَّه لما لم تجب) الصلاة (فيه) أي الاعتكاف (بالنذر) إذا قيد بها كما لو قيل علي لله أن أعتكف غداً مصلياً، (لم يجب بغير نذر) مقيد بها، كما لو قيل: علي لله أن أعتكف غداً مطلقاً، والأصل الصلاة، والفرع الصيام، والحكم في الأصل عدم الوجوب بغير نذر، والعلة عدم وجوبه بالنذر، والمطلوب في الفرع وجوبه بغير نذر، والعلة وجوبه بالنذر، فيثبت في الفرع نقيض حكم الأصل بنقيض علته كما تقرر⁣(⁣١).

  (وقبله) أي قياس العكس (الجمهور) من العلماء (وهو المختار) قال الإمام: وحاصله: راجع إلى قياس الدلالة⁣(⁣٢)، قال: وبيانه هو أن الإجماع منعقد على أن من نذر أن يعتكف صائماً فإن الصوم لازم له في اعتكافه فيقول: ليس يخلو لزومه له في هذه الصورة إمَّا أن يكون لأنه شرط في الاعتكاف، أو لأنه اشترط، ومحال أن يكون لزومه من حيث أنه اشترطه؛ لأن الصوم بالإضافة إلى الاعتكاف كهو بالإضافة إلى الصلاة، فلو كان لزومه لكونه اشترطه لكان يلزم فيمن نذر أن يصلي صائماً أن يكون الصوم لازماً له والإجماع على خلافه، فإذا بطل ذلك لم يبق إلا أن


(١) إنما كان من قياس الدلالة لأن الأصل الصلاة بالنذر، والفرع الصيام بالنذر، والعلة كونهما عبادتين، والحكم في التحقيق عدم تأثير النذر في الوجوب، والمقصود إضافة وجوب الصوم إلى نفس الإعتكاف، ويمكن رده إلى قياس العلة بإلغاء الفارق وهو النذر، لأنه غير مؤثر، كما في الصلاة، ووجوده وعدمه على سواء، فتنفي العلة الإعتكاف المشترك، فالأصل الإعتكاف بنذر الصوم، والفرع الإعتكاف بغير نذر، والحكم اشتراط الصوم فيها، والإعتكاف علة، وذكر الصلاة لبيان إلغاء الوصف الفارق. تمت.

(٢) وهو الإستدلال على الشيء بنظيره عنده، كقولنا في الذمي: يصح ظهاره، كما يصح طلاقه، كالمسلم، لأنه جعل هذا من قياس الدلالة. تمت من هامش النسخة الأصلية.