الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): في ذكر انقسام القياس بحسب موقعه واستعماله وفائدته وجامعه وظهوره وخفاءه

صفحة 311 - الجزء 2

  إلى محدثٍ فهاهنا أصل وهو أفعالنا، وفرع وهو العالم، وعلة وهي الحدوث، وحكم وهو الاحتياج، والعالم لما شارك أفعالنا في العلة وهي الحدوث شاركها في الحكم وهو الحاجة إلى محدثٍ.

  ومثال القياس في مسائل العدل: الاحتجاج على أن الله تعالى لا يفعل القبيح بالقياس على من كان منا عالماً بما يقبح القبيح وغنياً عنه وعالماً باستغنائه عنه، فإنا نعلم من حالنا أنا متى كنا على هذه الصفات لم نفعل القبيح، فإذا كان القديم جل وعلا قد شارك في هذه العلة، بل هي في حقه أبلغ لوجوب غناه وعالميته شارك في هذا الحكم وهو امتناع فعل القبيح.

  فالمقيس هنا: القديم سبحانه، والأصل المقيس عليه: الواحد منا، والعلة: العلم بقبح القبيح، والإستغناء عنه، والعلم بالإستغناء عنه، والحكم: امتناع فعل القبيح، ولا ضير في كون العلة مجموع أمور، فإنها علة كاشفة لا موجبة.

  وأمَّا بيان هل هو حجة في العقليات أو لا؟ فسنبينه عند استدعاء المؤلف له إنشاء الله تعالى.

  (وشرعي، وهو المراد) هنا.

  وأشار إلى الثاني بقوله: (وباعتبار استعماله إلى صحيح وهو ما جمع الشروط المعتبرة) في حقه سواء كان قاطعاً أو مظنوناً، والشرائط المعتبرة في الأقيسة هي (الآتية) عند ذكر الأصل والفرع والعلة والحكم إنشاء الله تعالى.

  (و) إلى (فاسد وهي بخلافه) فهو مالم يجمع الشروط المعتبرة.

  وأشار إلى الثالث بقوله: (وباعتبار فائدته إلى: قطعي وهو ما عُلِمَ) حكم (أصله و) عُلِمَتْ (علته و) عُلم (وجودها في الفرع سواء كان الفرع أولى بالحكم من الأصل) كقياس تحريم الضرب والشتم وسائر أنواع الأذى على تحريم التأفيف في قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}، (أو مساوياً) كما في قياس العبد على الأمة في تنصيف الحد.

  قال الإمام في القسطاس: وهو قليل نادر.

  (و) إلى (ظني: وهو بخلافه) أي مالم يعلم فيه ذلك من المعاني المختلفة والأوصاف الشبهية.

  وأشار إلى الرابع بقوله: (وباعتبار جامعه إلى: قياس علة: وهو ما تذكر فيه العلة الجامعة بين الأصل والفرع) سواء كانت تلك العلة المصرح بها بسبب نص أو تنبيه نصٍ أو إجماع أو حجَّة إجماع، وذلك (كقياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار) المصرح به، كما يقال مسكر فيحرم كالخمر.