الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 313 - الجزء 2

  ضمان الأعيان المنقولة: إنما وجب ضمانها بالغصب بكون الاستيلاء فيها حاصلاً من غير حق، وهذا بعينه حاصل في العقار، فيجب أن يكون مضموناً أيضاً كله، فهذه كلها أصول معينة تشهد لها.

  وأمَّا ما لا يشهد له أصل معين: فهو الاستدلال المرسل، مثاله: ما أثر عن أمير المؤمنين في حد شارب الخمر وبقرينة من حد القاذف فإنه لم يجمع بينهما بجامع، وإنما أشار فيه إلى أمور كلية ورمزٍ إلى مقاصد معنويَّة، فلا جرم عددناه في الاستدلال المرسل.

  (و) إلى (قياس شبه: وهو بخلافِه) وهو ما لم يشتمل على وصفِ مناسب، ومثاله قول أصحابنا والشافعي في إيجاب النية في الوضوء طهارة حكميه فافتقرت إلى النية كالطهارة بالتراب.

  فقولنا: طهارة وصف جامع تدخل فيه الحكمية والعينية كطهارة النجاسة.

  وقولنا حكمية: نفصله عن طهارة النجاسة، فهذان وصفان يحصل لمجموعهما الشبه.

  وكقول أصحابنا والشافعي في وجوب تعيين النية في صوم رمضان، فهذه كلها أوصاف شبهية فعلية الظن، لا تفتقر إلاَّ إلى الإحالة.

  وإلى الخامس أشار بقوله: (وباعتبار ظهوره وخفائه إلى: جلي: وهو ما كان الحكمُ فيه أولى) من ثبوته في أصله بأن تكون العلة فيه أبلغ منها في الأصل، (أو مساوياً) لأصله فيه (مع القطع بنفي تأثير الفارق) بين الأصل والفرع، وزاد قوله تأثير؛ لأنه لابد من فارق بين الأصل والفرع حتَّى يكونا متغايرين فيصح القياس حتَّى أنه لو لم يكن فرق بينهما لكان الفرع هو عين الأصل، فلا معنى للقياس فيما هذا حاله فهو أولى مما لو قال بنفي الفارق.

  فالأولى: (كالضرب والتأفيف) على ما اختير، فالأصل هو التأفيف والفرع هو الضربُ ووجود الحكم فيه أولى من وجوده في الفرع؛ لأن إهانة الضرب أبلغ من إهانة التأفيف، والفارق كون هذا تأفيفاً وهذا ضرباً، وهذا هو فرق لا تأثير له في اقتضاء الأحكام الشرعية؛ إذ هو بمجرد الاسم وأن ذلك باطل.

  (و) المساوي: مثل (العبد والأمَة) في إقاسة أحدهما على الآخر في سراية العتق والتقويم على معتق البعض؛ إذ ورد عنه ÷ «من أعتق شقصاً له في عبد قُوِّم عليه الباقي» فتقاس الأمة على العبد؛ لأنا نعلم قطعاً أن الذكورة والأنوثة في أحكام العتق لا تأثير لها، ولا فارق إلاَّ ذلك.