فصل: [في المشترك]
  بيان ذلك: أن اللفظ المشترك لا يفيد فهم المقصود على سبيل التمام، وما يكون كذلك كان منشأ المفاسد.
  قالوا: وما نظر أنه مشترك فهو إمَّا مجاز وإمَّا متواطئ.
  والجواب: أمَّا على قول من يحمله عند تجرده عن القرينة على جميع معانيه الغير المتنافية، فالفائدة ظاهرة، وأمَّا على القول الثاني فلا نسلم أن الفهم التفصيلي في كل لغة بدليل أسماء الأجناس، بل قد يقصد الفهم الإجمالي كما يقصد التفصيلي، إمَّا لأن العلم قد يُعلق بمجملٍ، وإمَّا لوجدان محذورٌ للتفصيل أيضاً، ثُمَّ ما ذكروه لا يمنع وجدان المشترك من قبيلتين بأن تصنع قبيلة لفظاً لمعنى وقبيلة أخرى ذلك اللفظ لمعنى آخر، ثُمَّ يشيع الوضعان.
  ومنهم من قال بإمكانه: مستدلاً بأن المواضعَة تابعة لأغراض المتكلم، وقد يكون المقصود تعريف المفصل، وقد يكون المقصود تعريف المجمل، بحيث يكون ذكره التفصيل سبباً للمفسدة، كما روي عن أبي بكر أنه قال للكافر الذي سأله عن الرسول ÷ وقت ذهابهما إلى الغار: من هو؟ فقال: رجل يهديني السبيل؛ ولأن المتكلم قد يكون غير واثق بصحة الشيء على التعيين إلا أنه واثق بصحة وجود أحدهما لا محالة، فحينئذ يُطلق اللفظ المشترك لئلا يكْذِب ولا يُكَذَّب، وأيضاً لا مانع من وقوعه من قبيلتين كما تقدم.
  وإلى القائلين بالإمكان أشار إليه بقوله: (أئمتنا) منهم أمير المؤمنين الهادي #(١) نص في موضع من المسترشد على ذلك؛ لأنه يقولُ: اللفظ يخرج على معنيين، والإمام يحيى نص عليه في
(١) هو الإمام الأعظم، الهادي إلى الحق المبين، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب $، أشهر أئمة أهل البيت في اليمن، وهو أشهر من أن يعرف، وأوصف من أن يوصف، مولده ببلاد الرس من نواحي المدينة المنورة سنة (٢٤٥) هـ، وخروجه إلى اليمن (٢٨٤) هـ، وتوفي سنة (٢٨٩) هـ، وقبره بجامعه المقدس بصعدة مشهور مزور.