الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 320 - الجزء 2

  قلنا قد أجيب عن الأول: أنها وإن كانت آحاداً ففيها قدر مشترك وهو العمل بالقياس، وذلك متواتر، وأنه يكفينا، ولا يضر عدم تواتر كل واحدٍ.

  وعن الثاني: أنا نعلم من سياقها قطعاً أن العمل بها كما في سائر الجزئيات.

  وعن الثالث: أن ذلك لا يقدح في الاتفاق، فإنه إذا تكرر وشاع ولم ينكر عليهم أحد فالعادة تقضي بالموافقة، فليس استدلالاً بعملهم لكن بعملهم وسكوت الآخرين مع التكرر، والتنوع في قضية معينة يدل بطريق عادي على الاتفاق.

  وعن الرابع: أنه لو أُنكر لنقل عادة؛ لأنه مما توفر الدواعي على نقله لكونه أصلاً مما تعم به البلوى.

  وعن الخامس: ما تقدم في الجواب عن الثالث، وهو أن استدلالنا بعدم الإنكار مع الشيوع والتكرار فإنه بدل.

  وعن السادس: أن العلم القطعي حاصل بأن العمل بها كان لظهورها لا لخصوصياتها، كسائر الظواهر التي عملوا بها من الكتاب والسنة فإنه وإن كان الاحتمال متقدماً في عملهم بخصوصياتها فإنا نعلم قطعاً أن العلم بها لظهورها، ولأنهم كانوا يوجبون العمل بكل ظاهر، وما كانوا يجتهدون إلا لتحصيل الظن.

  وقول معاذ حين بعثه رسول الله ÷ إلى اليمن وقال له: «بم تحكم»، قال: (بكتاب لله)، قال: «فإن لم تجد»، قال: (فبسنة سول الله)، قال: «فإن لم تجد»، قال: (أجتهد رأيي)، وفي بعض الطرق (أقيس الأمر بالأمر)، ولم ينكره ÷، بل قرره فقال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضاه رسوله»، ودلالته واضحة، وقد ادعى فيه التواتر المعنوي، وما ثبت في حق معاد ثبت في حق غيره، لقوله ÷ «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة»، وأقل أحواله التلقي بالقبول وهو كالمتواتر كما تقدم.

  (وعند جمهور أئمتنا والمتكلمين) يجب العمل به (سمعاً) لما ذكرناه آنفاً (والعقل يجوز فقط) بمعنى أن العقل لا يحصل ذلك وجوباً، وما ذكره أهل القول الأول، فهو بواسطة الشرع فعلى هذا يرجع الخلاف إلى اللفظ، فهم يسمون ذلك عقلاً، ونحن نسميه شرعاً، وقد نص على هذا الإمام المهدي #.