الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 100 - الجزء 1

  قولهم: لأن المركب من المتناهي متناه، ممنوعٌ؛ لإمكان تركب كل حرفٍ مع آخر إلى ما لا نهاية له.

  وأيضاً: فأسماء الأعداد غير متناهية على ما قالوه، معَ أنها مركبة من الحروف المتناهية والأصول المتناهية.

  وثانيها: فالمعاني على قسمين: منها ما يشتد بالحاجَة إلى الوضع له، ومنها ما ليس كذلك، كأنواع الروائح فإنه لم يوضع لكل رائحة منها قسم يخصه، فإذا تقدر خلو بعض المعاني عن الأسماء، وأن الوضع إنما يكون لما يشتد إليه الحاجَة، فلا نسلم أن هذا المحتاج إليه غير متناهٍ، هكذا أجاب به الأسنوي.

  (ونفاه) أي نفى وقوعه ودون إمكانه من النحاة (ثعلب⁣(⁣١)، و) من اللغويين (أبو زيد⁣(⁣٢)، و) من الأصوليين (البلخي، والأبهري⁣(⁣٣) مطلقاً) أي في القرآن والسنَّة وبين النقيضين وغيرهما.

  قالوا: لا مانع منه كما تقدم من الدليل على إمكانِه، ولا دليل على وقوعِه، وما يظن أنه مشترك حمل على أنه متواطئ أو مشكك، أو حقيقة ومجاز، فالجون موضوع لهيئة مؤثرة في البصر، والسواد والبياض كان في ذلك.

  قلنا: قد وقع كما سيأتي.

  فإن قيل: لم لا يكون حقيقة في أحدهما ومجاز في الآخر، ثُمَّ خفي؟.

  قلنا: أحكام اللغات لا تنتهي إلى القطع المانع من الاحتمالات البعيدة، وما ذكرتموه لا ينفي كونه حقيقة فيهما.

  (وقوم) نفوا وقوعه لا مطلقاً، بل (في القرآن) لأنه قادر سبحانه على الإتيان موضع كل مشترك بمفرد.

  قلنا: قد يقتضي المقام الإتيان بالمشترك لغرضٍ، كحصولِ الإيهام به أولاً ثُمَّ يفسر بالمفرد فيكون أوقع في النفس.


(١) أحمد بن يحيى بن يسار الشيباني، أبو العباس، الملقب ثعلب، النحوي اللغوي، إمام الكوفيين في النحو واللغة، ولد في سنة (٢٠٠) هـ، وتوفي سنة (٢٩١) هـ، في أيام المكتفي العباسي.

(٢) أبو زيد من اللغويين المشهورين.

(٣) الأبهري هو: أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد التميمي الأبهري أصوليٌّ مشهور، وهو شيخ المالكية في المغرب توفي (٣٧٥) هـ.