الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 336 - الجزء 2

  التنزيل الأول: أنهم إذا قالوا بانحصار القياس في هذه المواضع الثلاثة فيشترطون مع قولهم حرمت الخمر لشدتها أن يقول: حرمت ما كان مشاركاً للخمر في الشدة، ويقولون في نحو زنا ماعز فرجم «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة»، ولا يقتصرون على النص والإيماء، بل يوردون ما ذكرنا، فإذا التزموا هذه الزيادة فليس من القياس في شيء، وإنما هو قول بالعموم، وعند هذا لا خلاص لهم عن عهدة إجماع الصحابة؛ لأن المنصوص من العلل والمنبه عليه لا يفي بمعشار ما اضطربت فيه أراؤهم من أنواع الأقيسة.

  التنزيل الثاني: أن لا يشترط ما ذكرناه، ولا يشترط أيضاً ورود التعبد بالقياس كما زعمه النظام، وهذا خطأ وزيادة على قول القياسيين فإنهم إنما قالوا بالقياس في المنصوصة والمنبه عليها بظواهر الأدلة الشرعية بشرط ورود التعبد بالقياس، فإذا قلتم بالقياس في هذه المواطن فقد تجاوزتم الحد، ثُمَّ إذا قلتم بهذه المقالة فلم قصرتم القياس على هذه الأوجه، فالقول به فيها تحكم.

  التنزيل الثالث: أن نقول: مهما ورد التعبد بالقياس جاز الإلحاق بالعلة المنصوصة والمنبه عليها بطرق الإيماء، فأمَّا سائر العلل المقررة بطرق الاستنباط من الإحالة وأنواع الشبهيات فلا وقع لها ولا يجوز إثباتها؛ لأن طرق الاستنباط غير مأمور به من وقوع الغلط ويتطرق إليها ضرب من الزلل، وهذا هو معتصم القوم.

  وبطلان مذهبهم يتضح بأن التعويل فيما يكون مقبولاً من الأقيسة على غلبات الظنون، وهذا حاصل في جميع الأقيسة.

  فإن قلت: إنما حضرنا القياس في هذه الثلاثة لأنها مقطوع بها، والمستنبطة لا يؤمن فيها الخطأ بخلاف هذه فهي من جهة الشارع.

  قلت: لا يمتنع أن يكون غرض الشارع قصر العلل المنصوصة على محلها فتعديها عنه خطأ.

  فإن قلت: لا بد من اشتراط التعبد بالقياس كما ذكر.

  قلنا: قد أخطأتم في الحصر؛ لأن المتعدية والمنصوصة سيان في هذا.

  (و) يجوز القياس (في الأسباب) بأن يجعل الشارع وصفاً سبباً لحكم فيقيس عليه وصفاً آخر فيحكم بكونه سبباً، (وفاقاً لأكثر الشافعية وخلافاً للحنفية) والأقلين من الشافعية كالبيضاوي والرازي، (و) الأسباب (هي العلل) وإنما قلنا: بالقياس فيها لثبوته، فكيف ينكر؟ وذلك (كقياس