الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 337 - الجزء 2

  اللواط على الزنا في كونه سبباً لوجوب الحد) الذي هو الحكم، لتحصل الحكمة التي هي الزجر عن تضييع الماء في اللواطة، كما يحصل في الزنا (بجامع الإيلاج المحرم) وكقياس المثقل على المحدد في كونه سبباً للقصاص فلا وجه للمنع، هكذا ذكره الأصحاب.

  قيل: والحنفية لا يلتزمون هذا، وإنما هو حجة على الأقل من الشافعية، وقد أجابوا بأنه ليس من محل النزاع؛ لأن النزاع فيما تغاير السبب والعلة وهي الحكمة في الأصل والفرع؛ إذ المفروض أن هناك حكمين السببية والجلد، وسببين الزنا واللواط ونحوها، وهاهنا السبب واحد ثبت لمحلي الحكم وهما الأصل والفرع بعلة واحدة، ففي مثال المثقل والمحدد السبب القتل العمد والعدوان، والعلة الزجر لحفظ النفس، والحكم القصاص، وفي مثال الزنا واللواط السبب إيلاج فرج في فرج محرم شرعاً مشتهى طبعاً، والعلة الزجر لحفظ النسب، والحكم وجوب الجلد.

  والحق: أنه لا نزاع حقيقة؛ لأن دفعه بذلك ممكن في كل صورة، فإن القائلين بصحة القياس في الأسباب لا يقصدون إلاَّ ثبوت الحكم بالوصفين لما فيهما من التناسب.

  ونعود إلى ما ذكروا من اتحاد الحكم والسبب:

  وقد احتج المانعون فيها: بأن القياس للَّواط على الزنا مثلاً في كونه موجباً للحد إن لم يكن بمعنى مشترك بينهما، فلا يصح القياس، وإن كان لمعنى مشترك بينهما كان الموجب للحد هو ذلك المشترك وحينئذ يخرج الزنا واللواط عن كونه موجباً؛ لأن الحكم لما أسند إلى القدر المشترك استحال مع ذلك إسناده إلى خصوصية كل واحدٍ منهما، وحينئذ فلا يصح القياس؛ لأن من شرطه بقاء حكم الأصل وهو غير باق هنا.

  وأجيب: بأن القياس لا يخرجهما عما ذكر، والمعنى المشترك فيه كما هو علة لها يكون علة لما ترتب عليها.

  وهل الخلاف في الشروط والموانع كالخلاف في الأسباب:

  قال المصنف: (وإلا ظهر أن الخلاف في الشروط) للأحكام هل يثبت بالقياس، كما يقال ارتفاع الحدث الأكبر شرط في جواز لمس المصحف، كما هو شرط في قرآءة القرآن، بجامع الإعظام، وكما يقال التيمم شرط في صحة الصلاة، كما أن الوضوء شرط فيها، بجامع رفعهما الحدث، (والموانع) منها كقياس الأمومة على الأبوة في كونها سبباً في سقوط القصاص بجامع