الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 101 - الجزء 1

  (وقوم) نفوا وقوعه (فيه) أي في القرآن (وفي السنة) لأنَّه لو وقع فيهما لوقع إمَّا مبيناً كما لو قيل: ثلاثة قروء أطهار فيطول بلا فائدة؛ لإمكان إتيانه بمفرد لا يحتاج إلى بيان فلا يطول، أو غير مبين فلا يفيد، والحاصل لزوم ما لا حاجة إليه أو ما لا يفيد، والشرع منزه عن ذلك.

  قلنا: لا نسلم أنه لا يفيد، لأنه يفيد فائدة إجمالية كما في أسماء الأجناس، ثُمَّ أن له فائدة إجماليَّة خاصة وهو الإستعداد للإمتثال إذا بُيِّنَ، فإنه يطيع بالعزم على الامتثال والاستعداد كما يعصي بخلافه.

  (والرازي) نفى وقعه (بين النقيضين) لأنه لو جاز وضع لفظ للنقيضين كوجوب الشيء وانتفَائه لم يفد سماعَه غير التردد بينهما وهو حاصل.

  قلنا: يجوز أن تكون له فائدة أخرى، وهي انحصار التردد بين أمرين يغفل الذهن عنهما، والفائدة الإجمالية مقصودة، على أن ذلك لو تم إنما ينفي الوقوع من واضع واحدٍ لا من واضعين.

  نعم صرح سعد الدين⁣(⁣١) بأنه لم يتحقق اللفظ للنقيضين بالتحقيق، بل قال في التمثيل كالأمر للإباحة والتهديد مثلاً.

  (و) إذا عرفت أنه ممكن وأنه واقع فحينئذ (هو) أي المشترك يحصل:

  [١] (إمَّا بوضع اللغة فقط كشفق) فإنه مشترك بين البياض والحمرة، هكذا ذكره أبو الحسين وإن كان قد ذكر الشيخ أبو نصر الجوهري حكاية عن الخليل أنه إنما يستعمل في الحمرة فقط، واستغربه الإمام؛ لأن الأصل في الأسماء هو دلالتها على معناها الإفرادي، ولا يُقدَم على الاشتراك إلا بدليل خاص يوجب القول به، وكذلك القرء فهو مشترك بين الطهر والحيض، وأصله من الإجتماع عن الأصمعي⁣(⁣٢) والأخفش⁣(⁣٣) والفراء، وقيل: من الإنتقال عن أبي عبيدة، وقيل: من الوقت عن أبي عمر بن العلاء.


(١) سعد الدين: هو مسعود بن عمر بن عبد الله الهروي الخراساني، الحنفي، الشهير بالتفتازاني، علامة فقيه أديب، ولد سنة (٧٢٢) هـ، وتوفي سنة (٧٩٢) بسمرقند.

(٢) هو عبد الملك بن قريب بن علي الأصمعي، أبو سعيد، الأصمعي، نشأ بالبصرة وأخذ العربية عن أئمتها، ونقل عن فصحاء الأعراب الذين يفدون إلى البصرة، وأكثر الخروج إلى البادية، وشافه الأعراب وساكنهم، وله تصانيف في اللغة، توفي سنة (٩٤) هـ.

(٣) هو أبو الحسن: سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، نحوي مشهور، عالم باللغة والأدب، سكن البصرة، وقرأ النحو على سيبويه، وكان من علماء العدلية، له تصانيف منها: غريب القرآن، وتفسير معاني القرآن، وكتاب الأوسط في النحو، وغيرها، توفي عن ٧٥ عاماً، سنة (٢١٠) هـ، وقيل (٢١٥)، وقيل (٢٢١) هـ، وهو المشهور بالأخفش الأوسط (والأخفش: من كان في عينيه ضيق، وفي بصره ضعف).