(فصل): [في شروط القياس]
  (والأسماء اللغوية به) أي بالقياس الشرعي (اتفاقاً) من العلماء، قيل كأن يقال في اللائط: وطئ يجب فيه الحد فيسمى فاعله زانياً كواطئ المرأة، لأن أحد الأسماء إنما يثبت بوضع أهل اللغة، فلا يثبت بقياس شرعي.
  نعم: فإنما يمتنع إثبات ما ذكر في القياس الشرعي لا بغيره كالقياس العقلي، وكذا القياس اللغوي فإنه قد تقدم الكلام في ذلك، ولهذا غلط بعضهم في تفريعه، لامتناع القياس في اللغة على هذا الشرط.
  قال عضد الدين: وفائدة هذا الشرط يظهر فيما إذا قاس النفي، فإذا لم يكن المقتضي ثابتاً في الأصل كان نفياً أصلياً، والنفي الأصلي لا يقاس عليه الطارئ وهو حكم شرعي، ولا الأصلي لثبوته بدونه وبلا جامع، وقد يذكر في كثير من المسائل، ولذلك يقول المناظر: لا بدَّ من بيان المقتضي في الأصل، وما ذلك إلا ليكون النفي حكماً شرعياً.
  ومن شرط الشرعي: أن يكون (فرعياً: ومن ثَمَّ امتنع إثبات أصول الشرائع به اتفاقاً) لأنها مما تعم به البلوى، فيجب ظهور دليلها وتجليه بحيث لا يخفى على أحد، وذلك (كصلاة سادسة) وحج بيت آخر، وصوم شهر ثانٍ، (ولو) كانت تلك الصلاة (تابعة لغيرها) كالوتر مثلاً، فإنَّه لا يصح إثبات وجوبه بالقياس لكونه حينئذ أصلاً، وهو وقول أبي علي، (خلافاً للناصر والحنفية) فزعموا أنه يجوز إثبات الصلاة التابعة لغيرها بالقياس، بناء على أنه غير أصل حينئذ، وأن شرعيته ثابتة التي هي الأصل، وإنما تثبت بالقياس وتعلل به صفته هل الوجوب أو الندب؟، وهذه الصفة ليست مما ينبغي أن تعد أصلاً لعدم ثبوت شرعيته، وإنما هي فرع على ذلك، فجاز إثباتها بالقياس.
  ولا بد أن يكون الشرعي الفرعي (عملياً: قطعياً) كان (أو ظنياً، اتفاقاً) بين مثبتي القياس، (أو) يكون حكم الأصل الشرعي (علمياً)، فإنه يجوز القياس عليه لكن (مع القطع به) أي بحكم الأصل الشرعي بأن كان دليله قطعياً، (و) مع القطع (بعلته) التي شرع لأجلها ذلك الحكم، (بوجودها في الفرع) المقيس، فمهما كملت صح القياس فيه مع القطع، (عند القاسم والهادي والناصر وقدماء المعتزلة) وقدماء (الأشعرية بناء على أنه حينئذ قطعي) بحصول القطع حينئذ كما عرفت بجميع أركان القياس، (ولذلك أثبتوا التكفير والتفسيق به) فكفَّر أصحابُنا الأوائلُ المجبرةَ بقولهم: قد علمنا يقيناً أن من وصف الله سبحانه بأنه ظالم فقد كفر، وأجمعت الأمة على كفره، ثُمَّ نطرنا في علة كونه كفراً