الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  وأجيب: بأنا إذا علمنا في أمر أنه كفر، وعلمنا بدليل قطعي أنه لابد له من وجهٍ لأجله كان كفراً، ثُمَّ حصرنا الوجوه التي يمكن كونها علة في ذلك بطريقة يعلم ضرورة أنها حاصرة، وهي الدائرة بين النفي والإثبات، وأمَّا في حكم ذلك كقسمة الأقل أو الأكثر والمساوي، وأبطلنا صحة تعليق الحكم بالأقسام كلها بدليل قاطع، حتَّى لم يبق إلا قسم واحد، علمنا يقيناً أنه هو المرجح لكون ذلك الأمر كفراً، وإذا علمنا ذلك من حاله فمتى علمناه موجوداً في محل آخر قطعياً بكونه لحصول موجب ذلك، وهذا لا تردد فيه، والخصم لا ينازع في ذلك، وإنما ينازع في إمكان إبطال كل قسم فإنه إذا ادعى فيما ذكرناه أن الوجه في كونه كفراً أمر آخر غير اللفظ والمعنى أو اللفظ والمعنى مع أمر آخر لا يعلمه، فإنه لا سبيل لنا إلى إبطال ذلك إلاَّ من المجوز، إلاَّ بأن يقول إنه لا طريق إليه، وما لا طريق إليه يجب نفيه، وهذه الطريقة غير صحيحة عند هؤلاء، فإذا استدللنا على صحتها بطلت الشبهة بالكلية.
  وأمَّا قولهم: إنه يجوز تعلق المصلحة بأن لا يعلم وجه المفسدة كما جاز ذلك في وجه المصلحة.
  فنقول: بل نمنع ذلك، لأنا في تجويز ثبوت أمر لا طريق لنا إليه قدحاً في كل علم مكتسب بل في الضروريات، لكن قد لا يجب العلم بتفاصيله لقيام العلم بجملته مقام ذلك.
  نعم، وحكاية المؤلف عن أبي هاشم هي خلاف حكاية المهدي عنه في الغايات فإنه نص على أنه فرق بينهما بذلك.
  (وفي إثبات الأحكام العقلية بقياس عقلي، والأسماء الغوية بقياس لغوي خلافٌ تقدم) أمَّا الأوَّل ففي أول باب القياس، وأمَّا الثاني ففي المقدمة، والمختار في الأول الإثبات، وفي الثاني النفي.
  الشرط (الثالث: ثبوته): أي حكم الأصل (بطريقٍ غير القياس) من كتاب أو أثرٍ نبوي أو إجماع، (خلافاً لأبي عبد الله والحنابلة) فأجازوا القياس على الأصل الثابت بالقياس.
  لنا: أن العلة إمَّا أن تتحد في القياسين أو لا تتحد.
  فإن اتحدت: مثل أن تقول الشافعية في السفرجل إنه مطعوم فيحرم فيه التفاضل كالتفاح، فيمنع الخصم كون التفاح ربوياً، فنقول: لأنه مطعوم كالبر، فهذا ممنوع (لعدم فائدة ذكر الوسط) الذي هو أصل في قياس فرع آخر، (مع اتحاد العلة) فيكون ذكره ضائعاً لإمكان طرحه، وقياس