الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 347 - الجزء 2

  أحد الطرفين على الآخر فإنه كان يمكنه أن يقول في السفرجل؛ لأنه مطعوم كالبر من غير التعرض للتفاح، فكان ذكر التفاح عديم الفائدة.

  (و) إن لم تتحد العلة في القياسين فهو ممنوع أيضاً لأجل (فساد القياس مع تعددها) لعدم المساواة بين الأصل والفرع في العلة المعتبرة فلا يعد به.

  ومثاله: قول المستدل في الجذام عيب يفسخ به البيع فيفسخ به النكاح كالقرن والرتق، فيمنع الخصم أن البيع يفسخ بالقرن والرتق، فنقول: لأنه مفوت للاستمتاع كالجب فهاهنا قياسان:

  أحدهما: لإثبات المطلوب، والآخر: لإثبات أصله.

  وهنا فرع مطلق كالجذام، وأصل مطلق كالجب.

  وفرعٌ من وجهٍ، أصلٌ من وجهٍ كالقرن والرتق، وعلة لإثبات الحكم في الفرع المطلق كعيب يفسخ به المبيع وعلة لإثبات حكم ما هو أصل من وجه فرع من وجه كفوات الاستمتاع، فإنه قد صرح المستدل باعتبار فوات الاستمتاع في إثبات حكم الأصل الذي هو فرع من وجهٍ، وأن هذه العلة ليست ثابتة في الفرع المطلق، فإن الجذام لا يمنع الاستمتاع، وعليه إثبات حكم الفرع المطلق ككونه عيباً يفسخ به البيع وإن ثبت في الجذام، لكن لو ثبت اعتبارها في حكمٍ أصله الذي هو القرن والرتق فإن جواز فسخ النكاح بهما لم يعلل بكونهما من العيوب التي يفسخ بها البيع بل بفوات الاستمتاع، فلا مساواة بين الفرع الذي هو الجذام والأصل الذي هو القرن والرتق في العلة المعتبرة التي هي فوات استمتاع فلا يعدّ به.

  قالوا: لا نسلم لزوم المساوة في العلة، بل يجوز أن يثبت الحكم في الفرع بعلةٍ وفي الأصل بعلةٍ أخرى كما يجوز ثبوته في الفرع بدليل القياس وفي الأصل بدليل آخر من نصٍ أو إجماع.

  والتحقيق: أن هذا إنما هو اعتراض منهم على دليلنا المذكور في صورة عدم اتحاد العلة وإن كان ظاهر سوق كلام ابن الحاجب وغيره أنه دليل الخصم.

  قلنا: الفرق بين العلة والدليل أنه يلزم من عدم المساوَاة في العلة امتناع التعبد به وانتفاء القياس؛ لأن ذلك حقيقته، بخلاف اختلاف الدليلين فإنه لا محذور فيه.

  الشرط (الرابع: كون دليل حكمه) أي الأصل (غير شامل لحكم الفرع) وإلا لم يكن جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً بأولى من العكس، ولكان القياس ضائعاً ويطول بلا طائل.