الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 350 - الجزء 2

  منهم، مختارين ذكوراً مكلفين أحراراً حاضرين وقت القتل إلا هَرِمَاً ومدنفاً، ما قتلوا ولا علموا قاتله، وتكرر على من يشاء إن نقصوا، ثم تلزم الدية عواقلهم، ثُمَّ في أموالهم، ثُمَّ في بيت المال.

  وعند الشافعي: أنها تحليف خمسين من أولياء المقتول: أنهم يظنون أو يتوهمون أن أولئك قتلوه، وأن منهم من قتله، ولذلك ينماث لاستيعابها موضع آخر، ومعناها التغليظ في حقن الدماء لشرفها، ولخاصة لا توجد في غيرها؛ إذ شرعية التحليف تدفع مفسدة القتل للأعداء من غير مشهد الشاهدين، وشرعية العدد الكثير وإن لم يعلم حكمة الخمسين بالتعيين تدفع عندنا مفسدة التمالي على الكتم وإهدار الدماء.

  وعند الشافعي: مفسدة الدعاوى الباطلة للأشرار الذين لا يرعهم وازع التقوى، ولا توجد في أصلٍ آخر مثل ذلك، فيلزم فيه الحلف من عدد كذلك لم يدع على أحد منهم معيناً كما قلنا، أو فيهم من يدع كما قال الشافعي، ولزوم الغرامة بعد الحلف عندنا ويمين المدعي لا ترد عند الشافعي، وجاء بالكاف في القسامة ليدخل الشفعة؛ لأنها أخذ حق الغير بغير رضاه لا بعقد ولا بإرث، ومعناها دفع الضرر عن الشفيع، ولا توجد في أصل آخر مثل ذلك، وكضرب الدية على العاقلة من حيث كانوا متناصرين ويغتمون بكونه مقتولاً، فليغرموا بكونه قاتلاً، (و) هذا النوع مما عدل به عن سنن القياس (يسمى مفقود النظير) وإذا لم يوجد له نظير لم يمكن تعدي حكمه إلى غيره.

  النوع (الثالث: ما قصر حكمه على الأصل) بأن أخرج عن قاعدة عامة وخصص بالحكم، ولا يعقل معنى التخصيص فلا نقاش عليه؛ لأنه فهم ثبوت الحكم في محله على الخوض، وفي القياس إبطال للخصوص المعلوم بالنص، ولا سبيل إلى إبطال النص بالقياس، (وذلك كما وضح تخصيصه بالنبي ÷ فقط) أي دون غيره، وذلك (كنكاح تسع) وغير ذلك مما يختص به صلى الله عليه مما هو معروف.

  قال الإمام (الهادي) إلى الحق #: (ومنع من تخلف عنه بلا أذن) له في التخلف (عن أهله) - متعلق بمنع - (والنهي عن معاشرته) كما كان في قصة الثلاثة الذين هم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية فإنهم تخلفوا عن الغزو معه ÷ إلى تبوك، قال كعب: فلما قفل رسول الله ÷ سلمت فرد عليَّ كالمغضب بعد ما ذَكَّرَني وقال: «ليت شعري ما خلف كعباً؟» فقيل له: ما خلفه إلا حر برديه والنظر في عطفيه، فقال: «معاذ الله ما أعلم إلا