الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 352 - الجزء 2

  وأمَّا مواليهم: فأخرج أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وابن خزيمة وابن حبان عن أبي رافع ¥ أن النبي صلى الله عليه بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها فقال: حتَّى أتي النبي ÷ فأسأله فأتاه فسأله، فقال «مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة»، وفي المعنى كثير.

  (أو) وضح تخصيصه (لغيره فقط) لا هو على انفراده ولا هو مع غيره (كخزيمة) فإنه خص (بالشهادة منفرداً) بقوله ÷ «من شهد له خزيمة فحسبه»، فلا يثبت هذا الحكم لغيره وإن كان أعلى منه رتبة في المعنى المناسب لذلك التصديق والصدق، كالإمام علي # فإنه علم شرعاً أن القاعدة متقررة شرعاً لم يخرج منها إلاَّ هذا الفرد كالمستثنى منها، وثبوت حكم خلافه في جميع ما عداه شرعاً مقطوع به، وقصة شهادة خزيمة رواها أبو داود وابن خزيمة.

  وحاصلها: أنه ÷ ابتاع فرساً من أعرابي فجحده البيع، وقال: هلم شهيداً يشهد علي، فشهد عليه خزيمة بن ثابت أي دون غيره، فقال له النبي ÷ «ما حملك على هذا ولم تكن حاضراً معنا» فقال: صدقتك بما جئت به وعلمت أنك لا تقول إلاَّ حقاً، فقال ÷ «من يشهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه»، هذا لفظ ابن خزيمة.

  ولفظ أبي داود: فجعل النبي ÷ شهادته شهادة رجلين.

  وذكر أهل السير أن ذلك الفرس هو المسمى من خيل رسول الله ÷ بالمرتجز، لحسن صهيله.

  وفي التلويح: أن شهادة خزيمة على الأعرابي في ثمن ناقته لا فرسه.

  (و) مثل تخصيص (أبي بردة بالتضحية بعناق) وقصة ذلك: أن أبا بردة ذبح أضحيته قبل أن يصلي صلاة العيد، فقال ÷ «شاتك شاة لحم يا أبا بردة»، فقال: ما عندي إلا عناق يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام وآله «تجزي عنك ولا تجزي عن أحد غيرك» أخرجه البخاري، بعد تقدم الأثر أنه لا يجزي في الضحايا إلاَّ الجذع من الضأن أو الثني من المعز، (ويسمى) هذا (المخصص عن القياس) ووجه التسمية ظاهر.

  ومن شروط حكم الأصل: ألا يكون فيه قياس مركب، وهو أن يكون الحكم في الأصل غير منصوص عليه، ولا مجمع عليه وبين الأمَّة، واستغنى عن إثباته بالدليل لموافقة الخصم للمستدل