فصل: [في المشترك]
  [٢] (أو) بوضع (العرف فقط كدابَّة) فإنه وضع في الأصل لكل ما يدب على الأرض من إنسانٍ وغيره، وشاهده قوله {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وغيرها من الآيات، ثُمَّ صار في عرف أهل اللغة اسماً لذوات الأربع فقط مشتركاً بينها، عند بعضهم للأُتان، وللخيل عند قوم، ومثل كاتب فإنه مستعمل في الماهر في الكتابة فيمن يحسن الكتابة.
  [٣] (أو) بوضع (الشرع فقط كالصلاة) فإنها مشتركة بين هذه الصلاة وبين صلاة الجماعة، وبين صلاة الجنازة، وصلاة العيد، وصلاة الخوف، وصلاة الكسوف.
  قال الشيخ لطف الله: ولم يذكر الوضع الاصطلاحي اكتفاء بالشرعي؛ إذ الشرعي اصطلاحي، وإنما خص بالشرعي تشريفاً له عن سائر الاصطلاحات، ومثال الاصطلاح ما تقدم من اشتراك الجزئي بين الحقيقي والإضافي.
  [٤] (أو) يحصل (باثنين منها) أي بوضع اثنين من الثلاثَة، والوضعان إمَّا أن يكونا لغويان وعرفيان كالعدل، فإنه يفيد الفعل لغة والفاعل عرفاً؛ إذا كَثُرَ منه فعل العدل.
  [٥] وإما أن يكون شرعياً وعرفياً، قال في بعض تعاليق الجوهرة: ولا يوجد له مثال؛ لأن العرفي لا بد فيه من اللغوي.
  [٦] وإمَّا أن يكونا لغوياً وشرعياً، كالزكاة والصيام والحج فهي مشتركة، قيل: يمكن التمثيل لهما بالصلاة بالنسبة إلى الرحمة والأذكار والأركان إذا فرض استواء استعمالها فيهما فقط، والزكاة مشتركة بين المعنى اللغوي وهو النمو والزيادة وبين الشرعي وهي إخراج قدر من المال مخصوص بنية مخصوصة، وكذلك الصيام في اللغة عبارة عن الإمساك، قال الشاعر:
  خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
  وفي عرف الشرع إمساك مخصوص بنية مخصوصة، والحج في الأصل عبارة عن القصد قال الشاعر:
  وأشهد من عوف حؤولاً كثيرة ... يحجون سِبَّ الزبرقان المزعفرا