(فصل): [في بيان ما يتوهم أنه من الشروط]
  احتج: بحجة البتي، وبأنه لا يصح القياس على الصلوات الخمس في إيجاب سادسة، ولا على شهر رمضان في إيجاب صوم آخر، ولا وجه لمنع القياس إلا كونه لم يرد نص بتعليله ولا أجمعوا عليه.
  قلنا: إذا قامت الدلالة على أنا متعبدون بالقياس المثمر للظن، عاد ذلك المظنون كالمعلوم، ولأنا نعلم يقيناً أنه مراد الله منا حينئذ فنأمن الخطأ بعد حصول الظن، وأمَّا الصلوات الخمس ورمضان، فإنما لم يصح القياس عليها في إيجاب غيرها لفقد الطريق إلى حصول علة وجوبها في غيرها وهي كونه لطفاً لنا، ولا سبيل للعقل إلى معرفة اللطف، وإنما يعرف بالشرع، فلو قام دليل شرعي على أن اللطفية تحصل في غيرها كما حصلت فيها لحكمنا بوجوب ذلك الغير كما حكمنا بوجوبها.
  (ولا) يشترط (كونه ثابتاً بالقول دون الفعل) بل يجوز القياس على أصل ثبت بفعله ÷ (خلافاً لبعض الشافعية) فإنهم منعوا من ذلك.
  لنا: أن وجوب التأسي به صلى الله وآله سواء بين قوله وفعله في كونها حجة فيجوز القياس على ما كان مستندة الفعل كما يجوز على ما كان مستنده القول من غير فرق.
  قالوا: فعله ÷ يسقط بموته.
  قلنا: هذا ظاهر الفساد؛ لأن فعله ÷ الذي لم تنسخ حجَّته بعد الموت وقبله كقوله.
  قال الإمام: ومثال ما عول عليه أصحابنا في جواز انعقاد النكاح بلفظ الهبة، دليله نكاح ميمونة الهلالية وأم شريك الدوسية، فإذا قال من ينكر ذلك هذا قياس على فعل صاحب الشريعة، وحكمه يسقط بموته.
  والجواب: ما تقدم.
  قال: ولو قال المعترض هذا غير صحيح؛ لأن مثل هذا إنما صدر على جهة الخصوصية للرسول #، فلو ألحقنا به غيره لكان ذلك إبطالاً للخصوصية، فإنه غير جائز، لكان هذا أقرب مما قاله أولاً، وعندنا أن وجه الخصوصية فيه كونه على غير عوض، لا مقارن للعقد ولا ثابت بعده، وكونه خاصاً من هذه الجهة لا يمنع عمومه من جهة أخرى.
  (ولا) يشترط أيضاً في صحة القياس (عدم حصره بعدد مقدر)، بل يقاس على ماهو معلوم العدد (كخمس يقتلن في الحل والحرم) الحية والفأرة والحدأة والغراب والكلب العقور، في