(فصل): [في حكم القياس على الأصل المخالف لقياس الأصول]
  وقال (المؤيد) بالله (وغيره) من العلماء كالآمدي وهو مقتضى كلام ابن الحاجب (لا يقاس عليه مطلقاً) من غير تفصيل، وقول المؤيد بالله أن الريق يُطَهِّر سائر الأفواه كفم الهرة للخبر الوارد فيها، مع أنه بخلاف القياس ليس على جهة الإلحاق، بل لأن عنده أن النص على العلة أو التنبيه عليها يوجب أن يجري الحكم فيما وجدت فيها بطريق النص كما هو رأي المؤيد بالله والنظام.
  مستدلين: بأن عموم القياس في تناوله لأعداد المسائل كالأخبار المتعددة في حكم واحد؛ لأن ما دل على فرد من أفرادها دل على كل لاتحادها، فكما أن القياس على حكم الأخبار المتعددة أولى من القياس على حكم خبر واحد يخالفها كذلك يكون القياس على الحكم الموافق للقياس أولى منه على ما يخالف القياس.
  قلنا: لا نسلم ذلك وإلاَّ لما قبل الخبر الآحادي المخالف للقياس منه لمعارضته أخباراً متعددة، وقد قبل، فدل على عدم الجامع فيبطل ما زعمتم.
  (وقيل: يقاس عليه في حال دون حال، ثُمَّ اختلفوا) في تعيين الحال التي يقاس عليها والحال التي لا يقاس عليها:
  (فقال ابن شجاع إن كان) الأصل المخالف لقياس الأصول (ظنياً) كالثابت بالآحاد (قيس على الأصول لا عليه) لأنه حينئذ لم يقف على الظن مع كونه مخالفاً لها، (وإن كان قطعياً قيس عليه، لأنه حينئذ أصل بنفسه) فيقوى على الظن فيعمل عليه إن كان الرجوع إلى ما لا يقتضيه عموم القياس، أو إلى اطراد حكمه، لأن الأولوية هنا تنعكس لكون عموم القياس ظنياً.
  قلنا: لا نسلم ما ذكرتم في محل النزاع، فإن القياس حينئذ مع ذلك العموم كعام وخاص، وقد عرفت وجوب حمل العام على الخاص على ما مر.
  وقال (القاضي) عبد الجبار (والرازي: إن كان) الأصل المخالف (قطعياً قيس عليه) لما ذكره ابن شجاع، (وإن كان ظنياً: فإن ثبتت علته بنص أو تنبيه أو إجماع استوى القياسان) القياس على الأصول والقياس على المخالف لها؛ لأن كل واحد منهما مختص بمزيد قوة؛ لأن الأصول مقطوع بها وقياسها مظنون، والخبر المخالف مظنون الأصل وعلته منصوص عليها مقطوع بها.
  وقال (الإمام) يحيى (وأبو الحسين كذلك) أي مثل القاضي والرازي (إلا) في الأصل المخالف لقياس الأصول (الظني الذي ثبتت علته بنص أو تنبيه نص أو إجماع فهو عندهما محل اجتهاد).