الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الكلام على الفرع وشروطه المعتبرة]

صفحة 360 - الجزء 2

  (و) للفرع شروط صحيحة ومزيفة، كما أن للأصل شروطاً صحيحة ومزيفة.

  أمَّا (شروطه الصحيحة) التي إذا اختل أحدها بطل القياس فهي (أربعة):

  الشرط (الأول: مشاركته لأصله) في العلة فيشتركان في شمولها لهما؛ لأن المساواة في العلة مأخوذة في حد القياس ولا يجب المساواة في قوة وضعف أو ظن، بل إمَّا (في عين العلة كالشدة) المطربة، فإنها بعينها موجودة (في النبيذ والخمر) فيلحق النبيذ بالخمر لذلك، (أو جنسها كالجناية في قصاص الأطراف والنفس) فإن الأطراف قد قيست على النفس في وجوب القصاص بجامع الجناية المشتركة بينهما، فإن جنس الجناية هو جنس لإتلاف النفس والأطراف، وهو الذي قصد الاتحاد فيه فيكفي تحقق ذلك، ولا يجب أن تكون الجناية في القتل هي بعينها الجناية في الأطراف ومساواته لها في الحقيقة بحيث لا يكون اختلاف إلا بالعدد، وذلك لأن المقصود تعدية حكم الأصل إلى الفرع للاشتراك في العلة، وأحد الأمرين يحققه، وأما إذا لم يكن علة الأصل في الفرع لا بخصوصها ولا بعمومها فلا اشتراك، ولا خفاء أن هذا الشرط كما يليق بشروط الفرع يليق بشروط العلة.

  الشرط (الثاني: مماثلة حكمه لحكم أصله) لاستوائهما في العلة، وذلك يقتضي أن تفيد العلة مثل حكمه فيه، لا بمعنى المماثلة في القوة والعين، فإن المساواة في العلة لا تنافي كون العلة في الفرع أقوى وأدنى، وكونه أقوى وأدنى لا ينافي المماثلة لحكم الأصل؛ لأن المراد بها عدم الاختلاف (في عينه) أي عين حكم الأصل، وذلك (كقياس المثقل على المحدد في النفس) فالحكم في الفرع هو الحكم في الأصل بعينه وهو القتل، (أو في جنسه كقياس ولاية نكاح الصغيرة على ولاية مالها) فإن ولاية النكاح من جنس ولاية المال فإنها سبب لنفاذ التصرف وليست عينها لاختلاف التصرفين.

  وأمَّا إذا اختلف الحكم لم يصح، مثاله: إذا قال الشافعي: يوجب الظهار الحرمة في حق الذمي كالمسلم، فيقول الحنفي: الحرمة في المسلم متناهية بالكفارة والحرمة في الذمي مؤبدة؛ لأنه ليس من أهل الكفارة، فيختلف فيهما، ولا يخفى أن هذا الشرط أيضاً كما يليق بشروط الفرع يليق بشروط العلة، ولا خفاء أن هذا الشرط إنما يكون في قياس الطرد، فأمَّا قياس العكس فالمخالفة من ضروراته.

  الشرط (الثالث: أن لا ينص على حكمه) أي حكم الفرع (بموافق) لدليل الأصل (عام لهما) أي للفرع والأصل؛ لأنه متى كان كذلك كان في النص غنية عن قياس الفرع على الأصل فيكون القياس ضائعاً وتطويلاً بلا طائل؛ ولأن كلاً منهما إذا كان منصوصاً عليه فليس قياس أحدهما على الآخر