(فصل): [في بيان كيفية إلحاق الفرع بالأصل]
  [١] (بأن يكون الحكم فيه) أي الفرع (أولى منه) أي الأصل كما في قياس الضرب على التأفيف في التحريم، فالتحريم في الضرب آكد منه في التأفيف، وذلك ظاهر.
  [٢] (أو) بأن يكون الحكم في الفرع (مساوياً) لحصوله في الأصل بحيث لا أولوية لأيهما على الآخر، وذلك كما في قياس العبد على الأمة في تنصيف الحد، فإن الحكم في أحدهما ليس أولى منه في الآخر (كما مر) بيانه في أول باب القياس في قوله: وباعتبار ظهوره وحقائقه إلى آخر كلامه.
  [٣] (أو) يكون إلحاق الفرع بالأصل (بإلغاء الفارق) بينهما أي ما يصلح فارقاً وذلك (كما سيأتي إن شاء الله تعالى).
  وقد تقرر لك أنه لا يصح قياس لشيء على شيء إلا مع حصول الشبه بين الأصل والفرع، وللشبه معنيان: أخص، وسيأتي إنشاء الله تعالى.
  وأعم: وهو ما يرتبط به على وجهٍ يمكن معه القياس، فيشمل ما يثبت بجميع المسالك، وهذا هو المراد هنا.
  وهل يجوز أن يكون الشبه ما يفيد الظن للحكم من مجرد التساوي في الصورة، أو مشابهة الفرع في أحكام لأصل آخر، أو وصفٍ أو حكم شرعي، أو لا يصلح للربط إلا أحدهما دون باقيها.
  اختلف في ذلك: (واعتبر ابن علية شبه الصورة) فقط، ونقله الجويني عن أبي حنيفة وأحمد، فلهذا قال ابن علية بالقياس حينئذ فقاس القعدة الأخيرة في الصلاة الرباعية على الأولى في ثبوت حكم الأولى فيها وهو عدم الوجوب، وهو رأي أبي حنيفة لاشتباه صورتيهما؛ إذ كل منهما قعود مخصوص تؤدى فيها الشهادة، قال: وقال أحمد بوجوب الأولى قياساً لها على الثانية لذلك.
  (و) اعتبر (الشافعي شبه الحكم) فإذا ثبت تساويهما فيه صح إلحاق أحدهما بالثاني، (ويسمى) هذا عندهم (قياس علية الاشتباه) وليس المراد به ما طريق عليته الشبه، فإن هذا لا يكون كذلك، (وإنما يكون في فرع واقع بين أصلين مختلفين) في الحكم (يشبه) ذلك الفرع (كلا منهما بوصفٍ) جامع (فيه فيلحق بما غلبهما شبهاً) فلذلك رد الشافعي العبد المقتول إلى المملوكات قياساً عليها في ثبوت مثل حكمها، وهو وجوب قيمة ما أتلف من قيمتها، فيجب مساواته لها في وجوب القيمة على القاتل بالغة ما بلغت، ولو زادت على دية الحر لما هو عليه من الكتابة والصناعة، وذلك لغلبة شبهه بها في أكثر أحكامه، فإنه يباع ويوهب ويوقف ويرهن ويؤجر ويعار ويوصى به ويودع ويضمن بالفعل، ومذهبنا أن يشبه بالحر؛ لأن شبهه به ذاتي