الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الكلام في العلة وشروطها]

صفحة 365 - الجزء 2

  وبالمال عرضي، والذاتي أقوى، ولكونِه مكلفاً مأموراً منهياً؛ ولأن مشاركته في الأوصاف والأحكام أكثر فلا يتعدى به دية الحر، وحاصل هذا معارضة مناسبتين ترجح إحداهما.

  قيل: ومن ثمرة الخلاف: إذا قتل خطأ فإن قلنا إن قيمته بدل مالٍ فإنه يجب تعجيلها ولا تحملها العاقلة، وإن قلنا أنها بدل دم فإنها تؤجل ثلاث سنين وتحملها العاقلة.

  (و) مذهب أبي طالب والقاضي وهو (المختار اعتبار الجامع المعتبر) أي الذي دل الدليل على تعليق الحكم به (من حيث هو هو) سواء كان صورة كما قال ابن علية، أو حكماً كما قال الشافعي، أو غيرهما من الوصف والحكم الشرعي كالإسكار في تحريم الخمر، والجنس والتقدير في تحريم التفاضل، وذلك لاختلاف العلل الباعثة على شرع الأحكام التي هي وجوه المصلحة فيها، فإنها ليست من جنس واحد، فدل ذلك على ما أخترناه، فاعتبر الدليل المرشد إلى أن الوصف وجه المصلحة أو أمارتها، وهو يعرف بأحد طرق العلة، وسيأتي تفصيلها إنشاء الله تعالى، وما ذكره الخصم مجرد دعوى فلا يسمع.

  واعلم أن الشافعي وابن علية إنما ذهبا إلى أن مثل ذلك يعلل به لا إلى أنه لا يعلل إلا بذلك، ولهذا علل الشافعي حرمة الربا في بعض الربويات بالطعم وهو وصف، وكذا ابن علية لا يتأتى له في الربا التعليل بالصورة، فيرتفع الخلاف بيننا وبينهما؛ إذ لا خلاف محققاً، فلا معنى للحجاج.

  قال المهدي: وليس إلا في هاتين المسألتين، فنحن لا نعتبرهما فيهما إن لم تثبت علتهما أنه بأحد طرق التعليل، وهما جعلا أحد طرق العلة الشبه في الصورة أو الحكم.

(فصل): [في الكلام في العلة وشروطها]

  (و) الركن الرابع (العلة) الجامعة بين الأصل والفرع، وهي (في أصل اللغة: الحالة) يقال: فلان كريم على علاتِه، أي على حالاتِه في الشدة والرخاء والضيق والسعة، قال زهير:

  إن البخيل ملوم حيث كان ولـ ... ـكن الجواد على علاَّته هزم

  (والعذر) قال الشاعر:

  ما علتي وأنا جلد نائل

  أي ما عذري.