الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الكلام في العلة وشروطها]

صفحة 366 - الجزء 2

  (وما يتغير به محل الحياة مع ألم) وذلك كمرض الجنب والبطن، قال القاضي فخر الدين: والأغلب استعمالهم ذلك فيما يخشى معه التلف، واحترز بقوله: محل الحياة عن تغير الحالة عن الحياة، وبقوله: مع ألم عن التغير إلى زيادة أو لون غير مصاحبين له.

  (وفي عرفها) أي اللغة (الباعث على الفعل) كما يقال: أكلت العسل لحلاوته، (والترك) كما يقال: تركت القثاء لبرودته، (واستعمالها في الباعث عليهما) أي الفعل والترك في عرف اللغة (سواء) ذكره أبو طالب والإمام وشراح الجوهرة.

  وقوله (في الأصح) إشارة إلى خلاف الحفيد فإنه زعم أن استعمالها في الباعث على الترك أكثر من استعمالها في الباعث على الفعل.

  قال الإمام: وهذا فاسد، فإن الكثرة إنما تعلم بدليل يشعر بكثرة الاستعمال فيما قال، ولا دليل هاهنا على ذلك، فلهذا كانا سواء في الاستعمال كما ذكرنا والله أعلم.

  (و) هي (في الاصطلاح: الوصف المنوط به الحكم الشرعي) ومعنى إناطة الحكم به: شرعية الحكم لأجله، فهي مقترنة به وملازمة له.

  وزِيدَ قيدُ الشرعي؛ لأن كلامنا في العلل الشرعية، وإن كون الزنا مثلاً علة للجلد إنما عرف بالشرع، وخرج به ما يناط به الحكم العقلي، كتعليل حكم الظلم بكونِه ظلماً، والكذب بكونه كذباً.

  فإن قلت: كيف نيط الحكم الشرعي بالمناسبة والشبهية، والمناسبة تقتضي الحكم لذاتها من دون شرع، والشبهية لا نص عليها.

  قلنا: هما وإن كانتا كذلك أحد أركان القياس الأربعة، وقد قام الدليل القاطع على اعتباره فصارتا شرعيتين.

  (وقد يعرف وجه حكمة تعليقه) أي الحكم (بها) أي بالعلة، وذلك كتعليق تحريم الخمر بالشدة المطربة، فوجه الحكمة فيه حفظ العقل المؤدّي ذهابه إلى الفساد، وترك الصلاة، وذهاب الأموال والنفوس، ومن أنكر التعليل فقد أنكر النبوة؛ لأن تعليل بعثة النبي باهتداء الخلق لها، وكذا تعليل إظهار المعجز على يدي النبي عليه الصلاة والسلام وآله بتصديق الخلق، وإنكار اللازم إنكار للملزوم، لانتفاء الملزوم بانتفاء اللازم.