الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 368 - الجزء 2

  للمحل الذي علل بها، فإن الحركة موجبة كون المحل متحركاً، وأن وجود الحياة علة في كون الحي حياً، ولا يوجد حي بغير حياة ولا حياة بغير حي، فهي موجبة لذاتها، ولا تفارق معلولها بحال، (خلافاً لبعض المعتزلة والفقهاء) فإنهم زعموا أنها موجبة للحكم.

  والمعتمد في الدلالة على ما قلناه وجوه أربعة:

  أولها: أن الواجب معناه ما يستحق الذم والعقاب على تركه، ولا شك في كون الاستحقاق أمر ثبوتي وحكم إضافي؛ لأنه مناقض لعدم الاستحقاق، وما كان مناقضاً للعدم كان ثابتاً، فلو كان الاستحقاق معللاً بهذا الترك لكان قد عللنا الأمر الثابت لأمر ثابت بالأمر العدمي وأنه محال، فإنه لا فرق في العقول بين نفي المؤثر وبين إثبات مؤثر هو نفي، فالتعليل بالنفي بمنزلة نفي المؤثر، وهذا يكون باطلاً.

  وثانيها: هو أن العلل الشرعية لو كان تأثيرها في أحكامها المضافة إليها على جهة الإيجاب لما جاز اجتماع العلل الكثيرة على إيجاب حكم واحد، بيان ذلك أن العالمية في الواحد منا لا يجوز أن تكون معللة بعلوم كثيرة، فكذا لو كانت كذلك لا يجوز استناد الحكم الواحد في العلل الشرعية إلى علل كثيرة، واقتفاء ذلك معلوم كما نقول فيمن زنا وارتد فإنه يستحق القتل للعلتين، وكذا في الحائض المحرمة يحرم وطؤها للحيض والإحرام.

  وثالثها: أن القتل على جهة العمد العدوان علة لاستحقاق القصاص، فلو جعلناها موجبة والعدوان أمر عدمي؛ لأن معناه أنه غير مستحق لزم أن يجعل العدم جزءاً من علة الحكم الثبوتي وهو باطل كما مر.

  ورابعها: أن العلل الموجبة العقلية لا ثبوت لها بحال، وأن العلم هو نفس العالمية، والقدرة هي نفس القادرية، من غير حاجة إلى أمر يؤثر فيهما هو القدرة والعلم عند القائلين بالعلل والمعلولات.

  احتج المخالف: ............................. [بياض في الأصل بمقدار ثلاثة سطور].

  (ولا يجعل الشرع لها موجبة خلافاً لابن زيد وبعض الفقهاء) فزعموا أن الشرع جعلها موجبة، على معنى إضافة الوجوب إليها، كإضافة وجوب القطع إلى السرقة، وهذا هو رأي الغزالي والاسفرائيني.

  قال الإمام: وعلى هذا يكون حدها على قولهم، العلة: هي الوصف المؤثر في الحكم على جهة الإيجاب، فالشدة علة في التحريم، كما أن العلم علة في العالمية تؤثر فيها على جهة الإيجاب.

  (ولا مُعَرِّفَةً فقط كالزوال) فإنها معرفة لوجوب الصلاة، (خلافاً لجمهور الأشعرية) فزعموا أن العلة إنما هي معرفة لا باعثة، فمعنى كون الإسكار علة أنه مُعَرِّفٌ - أي علامة - على حرمة