(فصل): [فيما أضيف إلى العلة مما فيه لبس أو خلاف]
  (منها: محل العلة، وهو الشرط بعينه) يعني شرط ثبوتها وشرط تأثيرها كما تقدم، (وقد يطلق) محل العلة (على محل الحكم، أصلاً كان) كما يقال: الخمر محل علة التحريم، (أو فرعاً) كما يقال محله علة التحريم النبيذ.
  قال صاحب الجوهرة: وربما يجري لفظ المحل على ما يختص بالحكم الذي أثرت فيه العلة.
  قال الدواري: وهو الفرع؛ لأنه الذي أثرت في حكمه العلة، وأما الحكم في الأصل فهو ثابت بالنص ولا أثر لها فيه، قال: وهذا أظهر أن صاحب الجوهرة عناه من أن يراد ما علل بالعلة كان في الأصل أو في الفرع.
  (ومنها: ركن العلة، وهو مختلف فيه) أي في ثبوته.
  قال الدواري: وصورته إذا كان الحكم مرتباً ثبوته على أمر من الأمور مع شرائط يختص به. انتهى.
  فهاهنا يتحصل ركن العلة المختلف فيه؛ لأنه حينئذ يقال: هل الجميع من ذلك الأمر الذي ترتب الحكم على ثبوته، ولكن الشرائط هي العلة أو العلة أقوى تلك الأوصاف وما عداه شرط اختلف في ذلك:
  (فمن جعل كل وصفٍ يتوقف الحكم عليه - من علة وسبب وشرط - علة) في الحكم (ولم يفرق بينها) بالفروق الآتية إن شاء الله تعالى (يثبته) أي ركن العلة لأنها حينئذ متعددة من أشياء، وإنما قال: إن الجميع علة لأن الحكم لا يحصل إلا عند اجتماعها، وإن كان البعض أقوى من البعض، (و) ركن العلة (هو أقواها) أي أقوى الأوصاف في اقتضاء الحكم؛ لأنه إذا اشترك في هذه الأمور فاعلان كأن يفعل أحدهما البئر والآخر التردية، أو أحدهما الإمساك والآخر القتل، فإنا ننسب الفعل الذي هو الهلاك إلى الذي فعل أقوى الأمرين، والقائل بهذا هو بعض من يفسر العلة بالمعرف، (ومن جعل أقواها) أي أقوى تلك الأوصاف في اقتضاء الحكم (علة) باعثة على الحكم (وباقيها غير علة) بل سبباً أو شرطاً وهو قول من يفسر العلة بالمؤثرة، (لم يثبته)، لأن العلة شيء واحد وما عداه شروط لها.
  قال القاضي فخر الدين الدواري: ومثاله القود، فإن حكمه يثبت للقاتل إذا قتل عمداً عدواناً، فلا بد في وجوب القود من القتل وكونه عمداً عدواناً، فمنهم من يجعل الجميع علة والركن عنده القتل؛ لأنه أقوى الأوصاف وأوقعها في النفس للتعليل، ومنهم من يقول: العلة القتل والعمد العدوان شرطان، فالعلة شيء واحد لا ركن لها.