الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في كيفية التمييز بين العلة والسبب والشرط]

صفحة 379 - الجزء 2

  بطريق المباشرة، وعلة العتق هاهنا إنما هي القرابة دون الشراء؛ لأنها هي المخيلة المناسبة، فلأجل هذا كان العتق مضافاً إلى القرابة دون الشراء، والقرابة ليس من فعل المكفر فلا هي حاصلة بسببٍ منه فلا جرم أنا قضينا بأن العتق غير حاصل.

  وأمَّا أبو حنيفة فجعل الشراء أحد وصفي العلة والحكم وهو العتق حصل عنده، فكان هو العلة.

  ولا نسلم أنه أحد وصفي العلة، لأن من حق ما كان وصفاً أن يكون مماثلاً للوصف الآخر وليس مماثلاً، فإن القرابة مناسبة وليس الشراء مناسباً، فلهذا لم يكن جزء من العلة ولا وصفاً من أوصافها، وإنما هو بحقيقة الشرط أشبه، هكذا ذكره الإمام في القسطاس، ثُمَّ قال: وفي المسائل التي أديرت على التفرقة بين الشرط والعلة كثرة تشتمل عليها كتب الفقهاء وفيما ذكرناه تنبيه عليها فلنكتف به ففيه إقناع وبلاغ.

  (ومنها) أي مواضع اللبس (وصف العلة، وهو وصف يتبعها لا يكون العلة علة مؤثرة في حكمها إلا به، كاليمين عند قوم فهي علة لوجوب الكفارة) لأنها المؤثرة في وجوبها (لكنها موقوفة) في تأثيرها في وجوب الكفارة (على وجود الحنث، فكأن الحنث كالصفة لها) لما تبعها بهذه المثابة.

  (وقد يطلق) الوصف (على الشرط) الذي لا يؤثر إلا به، كالإحصان فإنه شرط في تأثير الزنا في الرجم فيسمى بهذه الأعيان وصفاً.

  (ومنها): أي مواضع اللبس (ذات العلة) فإن ذاتها نفسها (وقد تطلق في مقابلة شرطها) أي شرط العلة فتجعل قسيمة له، فيقع اللبس هل المراد بذات العلة نفسها سواء كان لها شرط أو لا، أو المراد به العلة التي لها شرط فتكون قسيمة له، فيقال مثلاً للزنا أنه ذات علة الرجم والإحصان شرطها.

(فصل): [في كيفية التمييز بين العلة والسبب والشرط]

  (والسر عند الجمهور في التمييز بين كل من العلة والسبب والشرط لوقوعها معاً علامات للأحكام وتوقفها) أي الأحكام (عليها) أي على الثلاثة.

  فإن قيل: ما معنى توقفها عليها، وقد قلتم إن الحكم يتقدم على شرطه كالزكاة فإنه يجوز تقديمها على الحول الذي هو شرطها بعد حصول النصاب الذي هو سببها.

  قلنا: الأصل هو التوقف وتقدم الحكم عليه خلاف الأصل.