(فصل): [الفرق بين العلة والشرط]
  (الأوَّل: أن الشرط يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجوده) كالإحصان فإنه إذا عدم عدم الرجم ولا يلزم من وجوده وجود الرجم؛ إذ لا يلزم من وجوده وجود العلة، (والسبب عكسه) بمعنى أنه يلزم من وجوده وجود الحكم ولا يلزم من عدمه عدمه، كالهلال فإنه يلزم من وجود رؤيته وجود وجوب الصوم ولا يلزم من عدمها عدم وجوب الصوم، بل يجب بالتحري، كذا في الحواشي معزو إلى حواشي العقد، وقد سبق في المقدمة أن السبب ما أثر وجوده في وجود الحكم وعدمه في عدمه، فيحقق.
  (الثاني: أنه) أي الشرط (يختص بمحل الحكم كالإحصان) فإنه مختص بمحل الرجم، (أو في حكم المختص كالحرز)، فإنه وإن لم يكن مختصاً بمحل الحكم فهو في حكم المختص به، لكونه الذي هتكه، (بخلاف السبب كالزوال) فإنه ليس مختصاً بمحل وجوب الصلاة وهو المكلف، ولا في حكم المختص به.
  وقد يقال: إن في الأسباب ما يختص كالإقرار بالزنا، والرمي في القتل بالمثقل.
  (الثالث: أن الشرط غير مناسب للحكم في الأغلب) هكذا ذكره الإمام في القسطاس وصاحب الجوهرة، والمصنف تبعهما، وفيه بحث وهو أن في هذا مناقصة لما قيل أولاً من أنه لا تثبت في الشرط المناسبة.
  وقد أجيب: بأنه أريد فيما تقدم أن الشرط لا يناسب أو في وجوه المناسبة لا أنه منع من كونه مناسباً وهاهنا ذكر أنه مناسب باعتبار عدم الأوفى.
  واعترض: بأن كثيراً من الشروط يوجد فيه المناسبة كشرط البيع والإجارة وغير ذلك.
  (والسبب) مناسب للحكم في الأغلب فهو (بخلافه).
  (ولا فرق بين الثلاثة عند الأقل) من العلماء منهم الغزالي نص عليه في شفاء العليل وبعض من يفسر العلة بالمعرف ومجوزوا التعليل بالأوصاف الطردية ومنكروا تخصيص العلة.
  وحاصل ما قالوه في تقرير الإنكار: هو أن الحكم إذا كان واقعاً في حصوله على مجموع أمور لا بد منها، فلا وجه؛ لأن يكون بعضها علة وبعضها شرطاً، فإن هذا يكون تحكماً لا مستند له، فإن الحكم في نفسه لا يفتقر إلاَّ إلى العلة نفسها لا غير، لكن العلة قد تكون ذاتاً مطلقة، وقد تكون ذاتاً موصوفة بصفات متعددة، فلنفرض الكلام في صورة واحدة ليقاس عليها سائر الصور، فنقول: الزنا علة