فصل: [في المشترك]
  [٢] أو بحده بأن يقولوا: إنه موضوع لمعنيين حقيقيين أو مجازيين بأن يعتبر كل من معانيه يحتاج إلى العربية.
  (أو) يعرف (بالإستدلال) وهو على وجوه ثلاثة:
  الأوَّل: (بسبق الفهم عند إطلاقه إلى معين) كقرء، فيستدل على أنه مشترك بأنه سبق فهمك إلى معنيين، وهما الطهر والحيض، ومتى سبقا عند إطلاقه فهما حقيقتان لا محالة؛ إذ لا وجه لكون أحدهما حقيقة والآخر مجاز مع سبقهما جميعاً إلى الفهم.
  قوله: (فصاعدا) مثل عين فإنك تستدل على أنه مشترك بسبق فهمك إلى معانيها الأربعة.
  والثاني: قوله (أو) نعرف المشترك (بحسن الإستفهام عنه) كأن يقال: ما أردت بالقرء هل الطهر أو الحيض؟ فإن الاستفهام عما هذا حاله عجيب مستحسن.
  وبيانه: أن الاستفهام هو طلب الفهم، وطلب الفهم عند وجود المقتضي للفهم عبث لا حاجة إليه، لكن قد تقرر أن المخاطب إذا أطلق في خطابه لفظ القرء ولفظ العين، فإنه إذا لم يفهم غرضه من إطلاقهما لأجل عدم قرينة من القرائن، فإنه يستفهم عن مقصوده، ويقال له: هل تريد هذا أو ذلك؟ فلو لا أن اللفظ متردد بين هذه المعاني على جهة الحقيقية في الفهم لما كان للإستفهام وجه، ولا كان لوقوعه وجه، فلمَّا أورده دل على كون اللفظ مشتركاً، وهذا هو المقصود.
  والثالث: أنه قد تقرر أن هذه المعاني مفهومة عند إطلاق الألفاظ المشتركة لا محالة، وإذا كان الأمر فيها كذلك فلا شك في كونها حقائق فيها؛ لأنها مفهومة منهم عند إطلاقها من غير قرينة، وهذا هوَ الذي نريد بكون اللفظ مشتركاً.
  لا يقال: فإذا حكمتم على كون اللفظ مشتركاً بحسن الاستفهام، فاحكموا على أن لفظ العموم مشتركاً بينه وبين الخصوص لحسن الاستفهام أيضاً، فإن الواحد إذا قال: ضربت كل من في الدار فإنه يحسن أن يقال: أضربتَهم بالكليَّة، وأن يقال: أضربت أباك من جملتهم، وهذا يبطل القول بالعموم.
  لأنا نقول: هذا فاسد لأمرين:
  أمَّا أولاً: فلأنا لا نسلم حسنه هنا كما حسن في المشترك، فإن العموم مع ظهوره لا وجه للاستفهام فيه.