الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل) [في شروط العلة الصحيحة]

صفحة 386 - الجزء 2

  وقوله: (منصوصة كانت أو مستنبطة) إشارة إلى دفع كلام أبي زيد الدبوسي⁣(⁣١)، وهو أنه لا يكون ثبوتها إلا بالنص والإيماء والإجماع لا غير، بل المراد أعم من ذلك وهو كون الوصف مناطٌ للحكم في غالب الظن مطلقاً.

  وقوله (متعدية أو قاصرة) إشارة إلى دفع قول من يشترط في العلة التعدي، وسيأتي الكلام في ذلك إنشاء الله تعالى.

  وقوله (معلومة أو مظنونة) إشارة إلى دفع كلام بعضهم المقدم من اشتراط كون العلَّة معلومة، وقد عرفت فساده.

  وإذا كان لا بد في العلة من كونها باعثة (فلا يكون اسماً لغوياً) كما يقال في النبيذ أنه يسمى خمراً فيحرم كالمعتصر من العنب (خلافاً للشافعية) فإنهم أجازوا ذلك، حكاه الأسنوي بلفظ المشهور.

  وقيل: إن كان مشتقاً جاز وإلاَّ فلا، حكاه العراقي وغيره، قال الأسنوي: والقائل بالصحة هو الذي يجوز القياس في اللغات، فادعى الرازي أنه لا يصح اتفاقاً والشيخ الحسن، وقال في التلويح: وما ذكره الشافعي من وجوب الحد على اللائط قياساً على الزاني، فإنما هو قياس في الشرع دون اللغة؛ إذ هو قوله بدلالة النص، وكذا إيجاب الحد بغير الخمر من المسكرات، وقد توهم بعضهم أن أمثال ذلك قول بجريان القياس في اللغة، وليس كذلك. انتهى.

  وإنما قلنا: أنه لا يصح أن تكون العلة مجرد الاسم (لتوقفه) أي الاسم في الإفادة (على المواضعة، والمصلحة والمفسدة) التي شرعت الأحكام لهما (لا تتبعها) لعدم الاهتداء من المتواضعين إلى ذلك؛ لأنها تابعة للاختيار (فهي طردية) كالتعليل بالطول والقصر وغيرهما ممَّا لا يعتبر في الأحكام.

  (ولا يكون في أجزائها) حيث قلنا بجواز التعدد (ما لا تأثير له) في الحكم المعلل، بحيث إذا قدر عدم ذلك القيد في الأصل لم يعدم الحكم فيه، وذلك لأنه لا مناسب ولا شبه بالمناسب فهو وصف طردي ولا يعتبر اتفاقاً.


(١) هو عبدالله بن عمر بن عيسى، أبو زيد الدبوسي البخاري، الحنفي، الفقيه الأصولي، ولد عام (٣٦٧) هـ، وتوفي سنة (٤٣٠) هـ.