الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 388 - الجزء 2

  معتصراً من العنب لما وقع تعد إلى سائر المسكرات لعدم وجدان هذا الوصف فيها فتكون العلة قاصرة، وهما لا يصححان القاصرة.

  وذهب (الحاكم والقاضي) عبد الجبار (وأبو الحسين والشيخ) الحسن إلى أن امتناع ذلك ليس لتأديه إلى قصور العلة؛ إذ هي تصح عندهم (بل لأن بعض أوصاف الأصل لا تأثير له في الحكم) المعلل بها، وإذا كان كذلك لم يغلب على الظن أن تلك الأوصاف هي العلة.

  بيان ذلك: أن من أوصاف الأصل في الخمر كونها مائعة وجسماً، ويكون التمر أسود أو أحمر، وكون البر أحمر، ومما تنبت الأرض، ومثل هذه الأمور لا يكون الحكم منوطاً بها وهي أنها علة لثبوته.

  وقال (الإمام) يمنع ذلك (لمجموعهما) أي الدليلين للكرخي ومن بعده والحاكم ومن بعده.

  وقال (ابن زيد: يجوز) تعليل الأصل بجميع أوصافه (في) العلة (المنصوصة لا) في العلة (المستنبطة) فلا يجوز ذلك، وذلك (لأن الشرع هنا يحكم على قضية العقل)، وقد قضى بصحة ذلك، والعقل إن اقتضى ما قاله المانعون فهو محكوم عليه لجواز كونه قد نقل حكم العقل؛ لأن قضاءه بذلك قضية مشروطة بعدم المصلحة لا مبتوتة، وما كان كذلك يعارض بغيره كما عرفت ذلك، (فيجوز أن يكون ذلك) أي تعليل حكم الأصل بجميع أوصاف الأصل وإن كان بعض الأوصاف لا تأثير له في الحكم (هو المصلحة وأمارتها) ويعني بالمصلحة المناسبة وبالأمارة الشبهية ذكره القاضي فخر الدين والفقيه محمد بن يحيى في إملائه.

  الشرط (الرابع: أن لا يكون ثبوتها) أي العلة (متأخراً عن) ثبوت (حكم الأصل) وذلك (كتعليل ولاية الأب على ولده الصغير الذي جن بالجنون لثبوتها) أي الولاية (قبله) أي قبل الجنون، وكما يقال في عرق الكلب مستقذر لعابه فينجس مثله، فإن الاستقذار إنما يحصل بعد الحكم بنجاسته.

  لنا: لو تأخرت العلة بمعنى الباعث على الحكم لثبت الحكم من غير باعث، وأنه محال، وبمعنى الأمارة تلزم تعريف المعرف فإن المفروض معرفة الحكم قبل ثبوت علته، هكذا قيل: ويمكن أن يقال في الأمارة أنها بمثابة الدليل الثاني بعد الأول.

  الشرط (الخامس: أن لا تخالف نصاً ولا إجماعاً) بأن تعارضهما فيكون ما تثبته في الفرع حكماً مخالفاً لأيهما، كأن يعلل حكم بالسهولة، ويقاس عليه أن الملك لا يعتق في الكفارة لسهولته عليه، بل يتعين عليه الصوم، فإن هذا حكم مخالف للكتاب والسنة والإجماع.