الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  ويشترط في المستنبطة خاصة: أن لا تتضمن حكماً في الأصل غير ما أثبته النص؛ لأن المستنبطة إنما تعلم من الحكم الذي أثبت في الأصل، فلو أثبت بها حكم في الأصل كان دوراً، بخلاف المنصوصة فإنها تعلم بالنص.
  مثاله: «لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء» فتعلل حرمة بيع الطعام بالطعام لكونه ربوياً فيما يوزن، كما في الذهب والفضة فيوجب اشتراط التقايض في المجلس في بيع الطعام بالطعام كما في النقدين، واشتراط التقابض زيادة على النص وهو نسخ فلا يجوز بالقياس والإجتهاد، بخلاف ما إذا كانت العلة منصوصة فإنها بالنص.
  وبعضهم لم يجعل مجرد الزيادة نسخاً، بل إذا كانت منافية لحكم الأصل فمنعها جوز غير المتنافية له.
  الشرط (السادس: تعدي المقيس عليها) فيؤخذ في محل آخر غير محل النص (فلا تكون المحل ولا جزء) المحل حقيقة بأن يتركب محل الحكم (منه) ومن غيره، فحيث يكون كل منهما متقدماً عليه في الوجود لا يحمل عليه أصلاً، فلا حاجة إلى تقييد الجزء بالمختص؛ لأن ما يكون جزءاً للشيء حقيقة لا يكون إلا كذلك، مثلاً الخل الذي هو من السكنجبين جزء حقيقة لا يوجد في غيره، وأمَّا مطلق الخل الذي يوجد فيه وفي غيره فليس جزءً حقيقة، وبهذا يخرج الجزء والأعم الذي يحمل على المحمول كالحيوان للإنسان؛ إذ نقول: كل إنسان حيوان على أنه لا يسمى باصطلاح المتكلمين جزء، بل هو صفة نفسية، وكذا المساوي كالضاحك.
  ومثال الأول: تعليل حرمة الربا في الذهب بكونه ذهباً وفي الفضة كذلك.
  ومثال الثاني: تعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما.
  إذا عرفت هذا فلا تكون العلة (اتفاقاً) بين العلماء (لتعذر الإلحاق) للفرع بالأصل؛ إذ لا توجد فيه العلة، وأمَّا إذا لم تكن العلة مقيساً عليها فهل يصح أن تكون قاصرة أو لا؟.
  في المسألة ثلاثة مذاهب:
  أصحها عند الرازي وابن الحاجب وهو قول المؤلف أنَّه يصح التعليل بالقاصرة، ولذلك قال (بخلاف القاصرة) فقد يكون المحل أو جزؤه؛ إذ لا مانع؛ ولأن للتعليل بها فائدة وهي معرفة المناسبة بين الحكم ومحله، فيكون أدعى للقبول من حيث أنه عرف بها أن الحكم مطابق لوجه الحكمة