الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  والمصلحة، والنفوس إلى قبول الأحكام التي بهذه المثابة أميل منها إلى قبول التحكم المحض، وسواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة فإنه لا استبعاد في أن يقول الشارع: حرمت الخمر؛ لأنه خمراً.
  والثاني: لا يجوز مطلقاً، ونقله الآمدي عن الأكثرين.
  والثالث: يجوز مطلقاً وهو مقتضى كلام البيضاوي وإطلاقه.
  (وتسمى) القاصرة (الموافقة والزَمِنَة) أمَّا تسميتها الموافقة فلأنها وافقت حكم الأصل لم ترد عليه، وأمَّا تسميته زمنة فلضعفها.
  (واختلف فيها: فعند الإمام) يحيى (والشيخ) الحسن (والجمهور) من العلماء كالرازي والغزالي وأبي الحسين وابن الملاحمي والجويني والشافعي والقاضي والبيضاوي وابن الحاجب والسبكي وغيرهم ممن يصعب حصره (أنها صحيحة مطلقاً) سواء كانت منصوصة أو مجمعاً عليها أو مستنبطة، وذلك (كتعليل تحريم الربا في النقدين بجوهريتهما) أي كونهما جوهرين معينين لثمنية الأشياء؛ لأن الظن حاصل بأن الحكم لأجلها؛ لأنه المفروض وهو معنى صحة التعليل بالعلة بدليل صحة المنصوص عليها اتفاقاً، وإن لم يثمر النص إلا الظن، فلو كان معنى التعليل القطع بأن الحكم لأجلها لما جاز ذلك أيضاً.
  وأيضاً فصحة تعدية العلة إلى الفرع موقوفة على صحتها في نفسها، فلو توقفت صحتها في نفسها على صحة تعديتها إلى الفرع لزم الدور، وإذا لم يتوقف على ذلك فقد صحت العلة في نفسها، سواء كانت متعدية أولم تكن.
  وأيضاً فالعلة بيان وجه المصلحة، ووجه المصلحة قد يختص نوعاً واحداً كوجوه الحسن والقبح.
  وقال (جمهور الحنفية: بل) العلة القاصرة (فاسدة) فلا يصح جعلها علة (مطلقاً) كذلك.
  وقال ابن الحاجب وغيره: إن الحنفية لا يخالفون في صحة التعليل بالقاصرة إذا كان طريق ثبوتها النص أو الإجماع، وأن ذلك إجماع فليس في المسألة على هذا غير قولين.
  واستدل هؤلاء: بأن العلة القاصرة لو كانت صحيحة لكانت مفيدة؛ لأن إثبات ما لا فائدة فيه لا يصح شرعاً ولا عقلاً، لكنها غير مفيدة؛ لأن فائدتها منحصرة في إثبات الحكم بها وهو منتفٍ؛ لأن الحكم في الأصل ثبت بغيرها من نصٍ أو إجماع، والمفروض أنه لا فرع.