الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في انتفاء المعارض واشتراط الإطراد في العلة]

صفحة 392 - الجزء 2

  [١] (ولا يشترط) في صحة العلة (القطع بانتفاء معارضها) فلا يكون لها معارض في الأصل، بل العلة صحيحة، وإن وجد معارضها ثُمَّ يرجع إلى الترجيح.

  ومثال ذلك: قولنا في العبد مملوك، فيضمن بقيمته ما تلفت كسائر القيميات، فيعارض بأن يقال: آدمي يصح تكليفه فلا يلزم فيه أكثر من الدية المشروعة كالحر، فتعارض العلتان كما ترى فيرجع إلى الترجيح، هكذا قاله بعض الأصحاب في تفسير مراد المصنف، وأنا أقول: مراده خلاف ما توهمه وهو أنه أراد ولا يشترط القطع بانتفاء معارضها المنافي، بل يكفي في انتفاء الظن؛ إذ المعتبر في مثل هذا الحكم الظن، وقد فاته الأخذ بمفهوم اللقب في المختصرات، وقد نبه عليه المؤلف سابقاً.

  [٢] (ولا) يشترط (وجوب اطرادها مطلقاً) سواء كانت منصوصة أو مستنبطة (وهو ثبوت حكمها بثبوتها) بحيث لا يتخلف عنها في فرع من الفروع، فهذا ليس بشرط.

  (بل يجوز تخصيصها، وهو وجودها في محل مَّا مع تخلف حكمها) الذي يثبت لها في الأصل والتخلف يكون على صور ثلاث ستأتي إن شاء الله تعالى، وإنما حكمنا بجواز ذلك (لأنها أمارة) على الحكم بجعل جاعل، فجاز أن يجعلها أمارة في مكان دون مكان، فيثبت اقتضاؤها الحكم في موضع دون موضع، كما أن خبر الواحد أمارة مع عدم نص القرآن لا مع وجوده (ويعبر عنه) أي عن تخصيص العلة (مانعوه بنفس العلة) لأن حقيقته إبداء الوصف المدعى عليه بدون وجود الحكم في صورة (وفسادها) لأن الوصف أيضاً والتعليل به في صورة التخلف.

  وقال (القاضي) عبد الجبار (وأبو الحسين وبعض الشافعية) كالرازي (و) بعض (الحنفية: يشترط مطلقاً) سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة؛ إذ التخلف يفسد العلة الشرعية (كالعقلية) فإنه إذا وجدت الحركة ولم توجد العالمية علم قطعاً أن الحركة ليست علة للعالمية.

  قلنا: العلل العقلية علل بالذات وتستلزم معلولها استلزاماً ذاتياً، وما بالذات لا ينفك فيدل الانفكاك على عدم العلية، وهذه علل بالوضع، فقد لا يستلزم معلولها فلا يصير الانفكاك دليلاً على عدم عليتها.

  (وتأوَّلت الحنفية مسائل الإستحسان) وهي ما يعدل عن الحكم فيها بحكم نظائرها لدليل يخصها كما تعرف ذلك إنشاء الله تعالى، لما اشتكلت عليهم مثل مسألة المصراة والعرايا فإنها