الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في انتفاء المعارض واشتراط الإطراد في العلة]

صفحة 395 - الجزء 2

  وقال ابن الحاجب: لا يشترط مطلقاً إذا كان ثَمَّ مانع أو عدم شرط لأن العلة لا تثبت عند التخلف إلا ببيان أحدهما، لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن لمانع ولا عدم شرط فهو لعدم المقتضي قطعاً، فلو كان الوصف مقتضياً لثبت الحكم في صورة النقض ولم يثبت فليس مقتضياً، لكن في المستنبطة يجب العلم به بعينه وإلا لم يظن العلية وفي المنصوصة لا يجب، ويكفي في ظن العلية تقديره، وإنما يكون النقض والتعارض في المنصوصة إذا ثبتت العلية في المحلين جميعاً بظاهر عام، فيدل بعمومه على العلية في محل النقض وغيره.

  ويعارضه عدم الحكم في محل النقض لدلالته على عدم العلية فيه فيجب تخصيص العام.

  مثاله: أن يجيء الخارج النجس ناقض للوضوء ثُمَّ يثبت أن الفصد لا ينقض فيحمل على غير الفصد فيجب تقدير مانع يمنع من العلية فيه وانتفاء شرط وإن كنا لا نعلمه بعينه؛ لئلا يلزم العلة بدون الحكم فإن فيه إبطال العلية لما مر أن عدم الحكم بدونها لعدم المقتضي، فيبطل الاقتضاء، ففي الصورتين لا تبطل العلية بالتخلف.

  واستدل بأن في عدم بطلان العلية بالتخلف جمعاً بين الدليلين، دليل الاعتبار؛ إذ يعمل به في غير صورة النقض، ودليل الاهدار؛ إذ يعمل به في محله وهو صورة النقض، فوجب المصير إليه كغيره وبأن المنقوضة لو بطلت لبطلت العلل العاطفة كعلة القصاص وهو القتل العمد العدوان للتخلف في الولد، وكعلة الجلد وهو الزنا للتخلف في المحصن، وعلة القطع وهي السرقة للتخلف في مال الابن والعديم إلى غير ذلك، فلم يبطل بذلك فاقتضى صحتها وكون النقض ليس بقدح فيها.

[في تخلف الحكم عن العلة]

  ثُمَّ أخذ في التفريع على المذهب الأول والتبيين لوجوه التخلف بقوله:

  (ثُمَّ تخلف الحكم قد يكون لعلة أخرى) عارضت تلك العلة وحكمها فتكون العلة الأخرى (دافعة لتأثيرها) أي العلة المعارضة (فيه) أي في محل النقض، وذلك (كظن الزوج للحرية الدافع للرقية في ولد المملوكة المدلسة) يعني أن العلة في ملك الولد رق الأم في جميع الحيوانات كلها، وهي جارية على الكمال والتمام في ولد المغرور بالحرية، لكن عرض لها ما يوجب قطعها ودفعها وهو يوهم الحرية، فانعقاد الولد على توهمها هو الذي أزال حكم العلة ودفعه، ولو لم يكن ما