(فصل): [في انعكاس العلة]
  (و) هل تعليل عدم الحكم بالمانع أو انتفاء الشرط - كما إذا قيل عدم شرط صحة البيع وهو الرؤية أو وجد المانع وهو الجهل بالمبيع، فلا يصح - يتوقف على وجود المقتضي له مثل بيع من أهله في محله، أو لا يتوقف؟: فيه مذهبان:
  الأول: (المختار وفاقاً للجمهور) كابن الحاجب والرازي والبيضاوي وغيرهما من العلماء (أن تعليل تخلف الحكم بالمانع عنه لا يتوقف على وجود المقتضي له).
  الثاني: أن التعليل بالمانع يتوقف على وجود المقتضي واختاره الآمدي.
  لنا: أنه إذا تحقق مع المقتضى انتفاء الحكم فإذا تحقق بدون المقتضى كان أجدر بأن ينتفي معه الحكم لخلوه عن المعارض.
  قالوا: إذا لم يكن مقتض فانتفى الحكم إنما هو لعدم المقتضي لا لوجود المانع أو عدم الشرط الذي يدعيه المستدل، فكأن المستدل مبطلاً في دعواه استناد انتفاء الحكم إلى وجود مانع أو انتفاء شرط.
  قلنا: لا يلزم من استناده إلى عدم المقتضي أن لا يستند إلى وجود مانع إن عدم الشرط، إذ غايته أنها أدلة متعددة وذلك جائز.
  قال الأسنوي: واعلم أن هذه العلة من تفاريع تخصيص العلة، فإنه يمتنع الجمع يبن المقتضي والمانع عند من يمنع التخصيص، ولا يمنع ذلك عند من يجوزه.
(فصل): [في انعكاس العلة]
  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (ولا يشترط) في العلة (انعكاسها، و) انعكاسها (هو انتفاء الحكم لانتفائها، بل يجوز ثبوته) أي الحكم وإن عدمت العلة في محل آخر (مع) وجود علة (أخرى تخلفها) أي تخلف عن الأصل في اقتضاء الحكم كما يأتي بيانه.
  ومثال المسألة: الإستدلال على الحنفية على منع تقديم أذان الصبح بقولهم: صلاة الصبح صلاة لا تقصر فلا يجوز تقديم أذانها على وقتها قياساً على صلاة المغرب، والجامع بينهما هو عدم جواز القصر، فإن هذه العلة غير منعكسة؛ لأن هذا الحكم وهو منع التقديم ثابت بعد زوال هذا الوصف في صورة أخرى غير محل النزاع كالظهر مثلاً فإنها تقصر مع امتناع تقديم أدائها، وهذا المنع لعلة أخرى غير عدم القصر بالضرورة لزوال عدم القصر مع بقاء المنع.