(فصل): [في أن الحكمة من شرع الحكم هي المصلحة]
  قلنا: مسلم ما ذكرتم لكنا لا نعني بالمناسب ما ظن أنه مناسب، إنما نعني به معنى معقولاً ظاهراً في العقل يتيسر إثباته على الخصم بطريق النظر العقلي بحيث ينسب الخصم في جحده بعد إظهار طريقه إلى العناد.
(فصل): [في أن الحكمة من شرع الحكم هي المصلحة]
  (والمقصود من شرع الحكم جلب مصلحة، أو دفع مفسدة، أو مجموعهما) لأن الخالي عن هذه عبث لا يفعله الله ولعب، وقد قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ٣٨}[الدخان: ٣٨]، وقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا}[ص: ٢٧]، ولأن الله حكيم ومن حق من كان حكيماً أن لا يفعل إلا ما فيه مصلحة فأمره بالواجبات ونهيه عن المقبحات يستحيل أن يكون عبثاً؛ لأن ذلك من فعل السفهاء، والحكمة تحيله؛ ولأن الله قد أمر عبيده ونهاهم فلا بد من مرجح.
  وباطل أن يعود إلى الله لغنائه ونفي رجوعِه إلى العبد وهو يحتمل المصلحة أو المفسدة.
  وباطل إرادة المفسدة؛ لأن الله حكيم لا يجوز فعل المفاسد من جهته، وقد خالفت الأشعرية في هذا ولهم شبه ركيكة محل إيرادها علم الكلام.
  (و) إذا تقرر لك أن المقصود جلب المصلحة فاعلم أنَّه (قد يحصل ذلك يقيناً كالبيع) للحل، (أو) يحصل (ظناً كالقصاص) للإنزجاز فإن الممتنعين أكثر من المقدمين، (وقد يكون الحصول ونفيه متساويين كحد الخمر) للزجر، فإن عدد المقدم والممتنع متقاربان، (وقد يكون نفي الحصول أرجح) من حصوله (كنكاح الآيسة لمصلحة التوالد) فإن عدد من لا ينسل منهن أكثر ممن نسل كامرأة إبراهيم وزكريا.
  (والتعليل بالأولين) وهما حيث يحصل يقيناً أو ظناً (اتفاقاً) بين العلماء (إذ الأول متيقن والثاني مظنون) والمظنون يجب العمل به في الظنيات.
  (ومنع بعضهم التعليل بالثالث) وهو حيث يكون الحصول والنفي متساويين (لاستواء الحصول وعدمه) وذلك يمنع من التعليل به.
  (و) منع التعليل (بالرابع لمرجوحيته) والمرجوح لا يعلل به، (و) التعليل كما (أثبته الجمهور) من العلماء (اعتباراً للمظنة) فإن البيع مظنة للحاجة إلى التعاوض، وقد اعتبر (وإن انتفى الظن