الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في أقسام المناسب، وبيان ما علم اعتباره]

صفحة 437 - الجزء 2

  وأمَّا أنه لا يظهر كونه منه: فلأنه يحتاج فيه إلى الاستعانة بالغير، وقد لا يساعده الغير عليه، فليس وجه الحاجة إلى شرع القصاص هاهنا مثل وجه الحاجة إلى شرعه في المنفرد.

  (و) القسم الثاني: (الخيالي الإقناعي) وهو: (ما يتخيل فيه مناسبة تميزه عن الطرد) المهجور (أول وهلة) أي أول شيء ذكره في ضياء الحلوم، (ثُمَّ إذا حقق النظر فيه ظهر عدمها) أي المناسبة (حتَّى لا تزداد المناسبة على كثرة البحث والتأمل إلا تلاشياً)، أي اضمحلالاً، والسبب في ظن المناسبة هو أنها تنشأ عن أمور مجموعة ربما يظن عند تركيبها وجه مناسبة، فإذا حُلَّ ذلك التركيب اندرست آثارها، وذلك (كتعليل تحريم بيع الميتة بالنجاسة وقياس الكلب عليها بجامعها) أي النجاسة (فمناسبتها للتحريم فيها) أي الميتة (خيالية إقناعية من جهة أن نجاسة الحي تناسب إذلاله، ومقابلته بمال) في البيع (تناسب إعزازه، وبينهما) أي الإذلال والإعزاز (منافاة، فمناسبة النجاسة للتحريم) وإن كانت في الظاهر (متخيلة، لكنها تضمحل مع التأمل؛ لأن معناها) أي النجاسة (كون الصلاة معها غير مجزية، ولا مناسبة بينه) أي بين الكون (وبين التحريم).

(فصل): [في أقسام المناسب، وبيان ما علم اعتباره]

  (وينقسم) المناسب (باعتبار نظر الشارع إلى: ما علم اعتباره) قال الأسنوي: واعتبار الشارع له بأن تورد الفروع على وفقه، وليس المراد باعتباره أن ينص على العلة أو يوميء إليها، وإلا لم تكن العلة مستفادة من المناسبة.

  قلت: وفيه نظر واضح؛ إذ هذه القسمة قسمة للمناسب من حيث هو مناسب من غير نظر إلى اعتباره سمعاً أو عدم اعتباره، وقد صرح بذلك ابن الحاجب، وصرح به أيضاً صاحب جمع الجوامع.

  (و) إلى (ما علم إلغاؤه)، قال الأسنوي: وإلغاء الشارع له بورود الفرع على عكسه، ولا إشكال في أنه إذا كان كذلك لا يجوز التعليل به.

  (و) إلى (ما لا يعلم فيه واحد منهما) أي من الاعتبارين.

  (فالأول) وهو ما علم اعتباره: (أربعة أقسام):

  لأنه إمَّا يؤثر عين الوصف في عين الحكم أو جنسه أو يؤثر جنسه في عين الحكم أو جنسه، ويتحصل من هذه القسمة ثلاثة أنواع للمناسب: مؤثر وملائم وغريب.