الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في انخرام المناسبة]

صفحة 450 - الجزء 2

(فصل): [في انخرام المناسبة]

  قد اختلف في الحكم إذا ثبت بوصف يفضي إلى حصول مصلحة على وجه يلزم منه وجود مفسدة مساوية لمصلحته أو راجحة عليها، هل تنخرم المناسبة أو لا، واختار المصنف انخرامها، ولذلك قال:

  (وتبطل المناسبة بمفسدة تلزم الحكم راجحة) كانت (على المصلحة أو مساوية لها) فأمَّا المرجوحة فلا تبطل بها المناسبة وهذا (على المختار فيهما) أي في الراجحة والمساوية (خلافاً لقوم) كالرازي وأتباعه كالبيضاوي وغيره.

  فإن قيل: كيف وقع الاتفاق على الاعتبار عند رجحان المصلحة ولم يقع على الإلغاء عند رجحان المفسدة.

  قلنا: لشدة اهتمام الشارع برعاية المصالح وابتناء الأحكام عليها.

  قالوا: وذلك (كالصلاة في الدار المغصوبة) فإن صحتها تقتضي مصلحة فيها، وتحريمها مفسدة فيها، والمصلحة لا تزيد على المفسدة، وإلا لما حرمت، للقطع والإجماع على أن ما يشتمل على مصلحة راجحة لا يحرم بل ربما يجب، كما في كثير من الصور فيجب كون المفسدة تساويها أو تزيد عليها، فلو انخرمت المناسبة بذلك لما صحت، وقد صحت لأن الخصم يمنع منافاة المفسدة الراجحة للصحة.

  قلنا: الكلام في مصلحة ومفسدة لشيء واحد ومفسدة الغصب لم تنشأ من الصلاة، فإنه لو شغل المكان من غير أن يصلي أثم، وكذلك مصلحة الصلاة لم تنشأ من المفسدة للمصلحة والرجحان (إذ) العقل قاضٍ بأن (لا مصلحة مع مفسدة زائدة عليها أو مثلها) ومن قال لعاقل: بع هذا بربح مثل ما تخسر أو أقل منه، لم يقبل منه، وعلل بأنه لا ربح حينئذٍ، ولو فعل لعد خارجاً عن تصرفات العقلاء.

  (و) إذا عرفت أنه لا بد من رجحان المصلحة على المفسدة عند تعارضهما فللترجيح طرق منها (الترجيح تفصيلاً) مثل المصلحة راجحة على المفسدة بكذا وهو (يختلف باختلاف المسائل) وينشأ من خصوصاتها، (و) منها أنه (قد يرجح بطريق إجمالية) شاملة لجميع المسائل (و) الطريق الإجمالية (هي أنه لو لم يقدر رجحان المصلحة على المفسدة المعارضة لزم) أن يكون (التعبد بالحكم) فيه قد ثبت (لا لمصلحة) وهو التعبد بالتحكم وقد أبطلناه.